جمال عبدالحي Admin
عدد المساهمات : 5200 النقط اللى حصلت عليها فى منتدى بحبك يا : 6222 تاريخ التسجيل : 04/10/2010 العمر : 30
بطاقة الشخصية لعبه: كابتن جمي ســــوره: (0/0)
| موضوع: أسلحة الأمة / الشيخ / ناصر الأحمد 17/09/11, 10:47 am | |
| المختصر / إن الحرب مع الأعداء لا تكاد تعرف إلا منطق القوة، سواء أكانت هذه القوة حسية مادية أم قوة معنوية غيبية، لذا قال الله تعالى: {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ}[(60) سورة الأنفال]، ومن الخطأ الفادح تقويم معادلة القوة بالنظر إلى أحد جانبيها الحسي أو المعنوي مع إغفال الجانب الآخر. وأعظم من ذلك خطأ الاعتماد على جانب دون الجانب الآخر، كمن يعتمد فقط على نصر الله لعباده المؤمنين انطلاقاً من قوله تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} [(171-173) سورة الصافات]، فيدعوهم ذلك إلى ترك الأخذ بالأسباب المادية، أو يرى أن عدم التكافؤ في الأسباب المادية يوجب الهزيمة والاستسلام، ويظن أنَّ مواجهة الأعداء مع عدم التكافؤ المادي الحسي التقني إلقاء بالنفس إلى التهلكة، والحق أن قوله -سبحانه وتعالى-: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [(195) سورة البقرة]، جاء في سياق الآيات وهي تلفت النظر إلى الجانب الأهم للقوة، وهو جانب معية الله لعباده المتقين، قال الله تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ * وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [(194-195) سورة البقرة] قال ابن عباس -رضي الله عنهما-: "ليس التهلكة أن يُقتل الرجل في سبيل الله، ولكن الإمساك عن النفقة في سبيل الله".
ولما قام رجل من الصحابة في غزوة القسطنطينية، فحمل على العدو حتى دخل فيهم ثم خرج، صاح الناس وقالوا: سبحان الله! ألقى بنفسه إلى التهلكة، فقام أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إنكم تتأولون هذه الآية، إنما نزلت هذه الآية فينا معاشر الأنصار، إنا لما أعز الله دينه وكثر ناصروه قلنا فيما بيننا بعضنا لبعض سراً من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن أموالنا قد ضاعت، فلو أنا أقمنا فيها فأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله في كتابه يرد علينا ما هممنا به فقال تعالى: {وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} فالإلقاء بالأيدي إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد، قال أبو عمران: فلم يزل أبو أيوب يجاهد في سبيل الله حتى دفن تحت أسوار االقسطنطينية. إذاً مواجهة أهل الإيمان لعدوهم الذي يتفوق عليهم بالعدة والعدد -مهما كان الفارق بينهم، ومهما ملك العدو من وسائل الحرب المتطورة- ليست من الإلقاء بالنفس إلى التهلكة إذا بذلوا ما في وسعهم لإعداد العدة الحسية والمعنوية لمواجهة عدوهم ولو كان شيئاً يسيراً، فإن الغلبة والنصر إنما هي من عند الله، كما قال سبحانه: {وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}[(126) سورة آل عمران]. ويزيد الأمر وضوحاً إذا عرف المؤمن أن معادلة القوة تكون لصالحه إذا كان يملك إلى جانب ما يستطيع أن يعده من القوة الحسية تلك الأسلحة المعنوية التي لا يمكن لقوى الأرض كلها أن تقف أمامها.
لا أحد ينكر ما يحيط بالأمة من أخطار وأعداء من كل مكان، من الداخل ومن الخارج، لكن أكثر ما يخيف الناس وبعض ضعاف الإيمان ما يمتلك العدو من أسلحة هائلة مخيفة، وقد يخالط بعض المسلمين رعب وخوف من هذه الأسلحة ومن هذه القوة المدمرة ومما يملك العدو من ترسانة عظيمة، من قنابل محرقة، وطائرات مخيفة، وصواريخ مدمرة، وينشأ عن ذلك أحياناً يأس وإحباط، فكيف يمكن للأمة المسلمة أن ترد عدوان هذا الثور الهائج صاحب القرون النووية الفتاكة؟ وربما ترتب على ذلك الهزيمة النفسية التي يريد العدو إيقاعها بنا، فنخاف من محاصرتهم لنا اقتصادياً -كما يهددون بين الفينة والأخرى-، ونخاف من ضربة استباقية -كما يزعمون-، ونسينا أن قوة الله أعظم وجبروته أكبر {وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ} [(21) سورة يوسف] قال الله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا} [(10) سورة محمد] وقال تعالى: {وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [(7) سورة الفتح] وقال تعالى: {أَوَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ كَانُوا مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ} [(21) سورة غافر] وقال تعالى: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ * فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ} [(15-16) سورة فصلت].
إن الثقة في الله -جل وتعالى- وتذكّر قوته وعظمته وأنه القادر على كل شيء، وأن له ما في السموات وما في الأرض، وأنه وحده المتصرف في الكون هي من أبجديات عقيدة المسلم، ولكن المسلم أحياناً يضعف يقينه بالله في الأزمات والفتن، فيطغى عليه الخوف وتتنازعه الهواجس ما لم يتداركه الله برحمته، فيعود لكتاب الله وسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- ليستظل في ظلها حيث السكينة والطمأنينة والثقة بنصر الله ووعده.
ما من شك في أن الإعداد واتخاذ الأسباب الممكنة لمواجهة الأعداء واجب شرعي وأمر مطلوب، ولكن الأمة المسلمة كغيرها من الأمم تمر بها فترات قوة وضعف، ونصر وهزيمة، ولربما تراكمت عليها المحن والأزمات وقادها أصحاب الشهوات والمصالح الخاصة فأضعفوها وأفرغوها من قواها حتى تصبح أشباحاً أمام أعدائها، ولذلك فلا بد لها -والحالة هذه- أن تتذكر أن لديها من السلاح الفتاك ما تستطيع به النهوض من كبوتها، فهي ليست كغيرها من الأمم، فيد الله ترعاها وإن قصّرت أحياناً، وقوة الله تحميها وإن ضعفت أحياناً، فلها حبل متين مع القوة الإلهية العظمى مهما أصابها من ضعف وهوان وتسلط للأعداء {وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [(139) سورة آل عمران] والعجيب أن هذه الأسلحة الفتاكة التي تختص بها الأمة المسلمة لا يستطيع عدوها -كائناً من كان- أن ينتزعها منها، إلا أن توافق هي بإرادتها فتتخلي عنها عجزاً وكسلاً وخذلاناً {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ} [(30) سورة الشورى].
وهل حقاً تملك هذه الأمة -وفي هذا الوقت- من الأسلحة التي يمكنها أن تواجه به أسلحة ما تسمى بالدول العظمى؟ الجواب: نعم. إليك بعض هذه الأسلحة التي تملكها الأمة مما يمكّنها من منازلة عدوها وقهره بإذن الله وحوله وقوته:
السلاح الأول: الإيمان بالله تعالى: والإيمان بالله له شأن عظيم، فهو يزرع اليقين والثقة بوعد الله ونصره، وهو من أعظم أسباب الثبات في المعارك مع الأعداء، فالمؤمن لديه قوة وشجاعة وإقدام وتوكل على الله سبحانه، ولديه يقين بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه قال الله تعالى: {وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا} [(22) سورة الأحزاب] وقال تعالى: {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [(51) سورة التوبة] فمن لديه الإيمان بقوة الله المطلقة فلن يخاف إلا الله، ومهما امتلك الأعداء من الطائرات المدمرة والسفن الهائلة والمدرعات المحرقة وصواريخ عابرات القارات، فهي تحت قدرة الله وملكه، فلو شاء لعطلها جميعاً فالسماء سماؤه، والأرض أرضه، والبحر من جنوده، فأين يذهبون؟.
السلاح الثاني: معيَّة الله لعباده المؤمنين: لا شك أن ميزان القوى ومعادلة التكافؤ بين الأطراف المتحاربة تخضع لمن يناصر كل طرف، ومن يقف بجانبه ويؤيده، وإن كان بمجرد التأييد العاطفي والتشجيع المعنوي، فكيف تكون المعادلة إذا كان الله -جل وعلا- مع أهل الإيمان يؤيدهم وينصرهم؟ كما قال تعالى: {وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [(26) سورة الأنفال] وقال تعالى: {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاء إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ} [(13) سورة آل عمران] وقال تعالى: {إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} [(128) سورة النحل]، فهو معهم -سبحانه وتعالى- بالإعانة والكفاية والنصر والتأييد والهداية والتوفيق والتسديد، وغير ذلك مما تجفو عبارة المخلوق عنه ويقصر تعريفه دونه، وهذه هي معية الله الخاصة لأحبابه وأوليائه، ومن كان الله معه كان النصر حليفه، مهما ملك عدوه من قوة، وأصبح ذلك العدو أحقر من الذباب في نظره، -وإن كانت الأسباب المادية كلها في يده-، كما قال موسى -عليه السلام- حينما خرج فرعون بغطرسته وجنوده يطاردونه هو والقلة المؤمنة معه، حتى قال فرعون: {إِنَّ هَؤُلَاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ} [(54) سورة الشعراء]، وهذه المفارقة العظيمة بين الطرفين جعلت بعض من كان مع نبي الله موسى -عليه السلام- يقول: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} [(61) سورة الشعراء]، ولكن موسى -عليه السلام- لمـا كان يعي حقيقة المعادلة {قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [(62) سورة الشعراء] ثم قال الله -سبحانه وتعالى- بعد ذلك: {وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ} [(65-67) سورة الشعراء].
وكذلك نبينا -صلى الله عليه وسلم- حينما خرجت قريش بغطرستها وكبريائها تطارده فأوى إلى الغار ومعه صاحبه الصديق -رضي الله عنه-، وما كانا يملكان من القوة المادية شيئاً يذكر، حتى خاف أبو بكر -رضي الله عنه- على النبي -صلى الله عليه وسلم- حينما رأى أن القوم قد وصلوا إليهم، ولكن الثقة بموعود الله جعلت النبي -صلى الله عليه وسلم- يُطَمئن صاحبه ويقول: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا} [(40) سورة التوبة] كما قال -سبحانه وتعالى-: {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [(40) سورة التوبة] وحينما تمتلئ قلوب أهل الإيمان يقيناً بأن الله معهم لن يأبهوا بعدوهم مهما يكن معه من قوة.
السلاح الثالث: الرعب: وهو أن يقذف الله -سبحانه وتعالى- في نفوس أعدائه المهابة والخوف الشديد الذي تخور معه قواهم وتضطرب أفكارهم وتتوتر أعصابهم، وهذا سلاح فتاك يلقيه الله في قلوب الكافرين متى صدق المؤمنون مع ربهم، ونصروا دينه، وأخلصوا له العمل، وهو من أعظم أسباب النصرة لأنبيائه وأوليائه؛ فإن القوة الحقيقة هي قوة الفؤاد وثبات الجأش، وقد جعله الله من خصائص هذه الأمة المباركة، قال الله تعالى: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [(12) سورة الأنفال] وقال تعالى: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا * وَأَنزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُم مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَؤُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا} [(25-27) سورة الأحزاب] ومن ثم فحينما يركن المسلمون إلى الدنيا وشهواتهم يسلط الله عليهم ذلاً وينـزع مهابتهم من قلوب أعدائهم كما ورد بذلك الحديث.
رعب وخوف الكفار من المؤمنين أمر أوجده الله في قلوبهم، فلا نحتاج أن نبذل شيئاً لإيجاده، ففي صحيح البخاري عن جابر -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((أعطيت خمساً لم يعطها أحد قبلي)) وذكر منها: ((ونصرت بالرعب مسيرة شهر)).
فالواجب علينا الاستعداد والمسير ولا يجب علينا أكثر من ذلك، وكم نقرأ هذه الأيام تقارير ينشرها الغرب نفسه عن أحوال تصيب بعض جنودهم في بعض بلدان المسلمين التي دخلوها، وأنه أصاب أعداداً منهم أمراض نفسية وخوف وذعر غير طبيعي، وفي المقابل فإن الله -سبحانه وتعالى- يربط على قلوب المؤمنين، وينـزل عليهم السكينة حتى يصل بهم الحال إلى النعاس لما يجدونه في قلوبهم من الطمأنينة والسكينة: {إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِّنْهُ} [(11) سورة الأنفال] وقد ثبت في صحيح البخاري وغيره، أن أبا طلحة قال: "كنت فيمن تغشاه النعاس يوم أحد حتى سقط سيفي من يدي مراراً، يسقط فآخذه".
السلاح الرابع: الملائكة: وهم جند من جنود الله -عز وجل- يؤيد الله بهم عباده المؤمنين، فقد ثبت بالكتاب العزيز والسنة الصحيحة أن الملائكة شاركت في قتال المشركين يوم بدر كما قال سبحانه: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ * بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ} [(123-125) سورة آل عمران] وقال سبحانه: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ} [(12) سورة الأنفال] وقد رأى الرسول -صلى الله عليه وسلم- الملائكة في غزوة بدر وقال: ((هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب)) بل إن رؤيتهم لم تكن مقتصرة على النبي -صلى الله عليه وسلم- ففي صحيح البخاري عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: "رأيت عن يمين رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعن شماله يوم أحد رجلين عليهما ثياب بيض لم أرهما قبل ولا بعد". وحاربت الملائكة في مواقع أخرى، ففي غزوة الخندق يوم الأحزاب أرسل الله ملائكة تقاتل في صفوف أهل الإيمان كما قال سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا} [(9) سورة الأحزاب]. إن الملائكة خلق من خلق الله تعالى وقد أوتوا من القدرة ما يعجز عنه الوصف، فكيف يُهزم جندٌ يقاتل معهم الملائكة؟! وهذا من أهم الأسرار التي تجعل كفة الغلبة والنصر في أكثر الغزوات ترجح لصالح أهل الإيمان رغم عدم التكافؤ في العدد والعدة.
وهذا ليس خاصاً بذلك الجيل القرآني الفريد بل متى ما صدق المسلمون وأخلصوا لله في قتالهم، قاتلت معهم الملائكة وعندها لا ينفع الكفارَ أيُّ نوع من السلاح استخدموه.
السلاح الخامس: ذكر الله الدائم: وهذا له أثر عظيم في صلة المؤمنين بربهم وثباتهم، ولذلك أوصى الله عباده المؤمنين بذلك في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ} [(45) سورة الأنفال]. | |
|