الفصل الأول
طفولة زينب {رضي الله عنها} ونشأتها:
هي زينب بنت محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم خاتم
النبيين. وزينب {رضي الله عنها} هي كبرى بنات الرسول
r
والأولى من بين أربع بنات هن زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة {رضي
الله عنهن} وهي ثمرة الزواج السعيد الذي جمع بين خديجة بنت
خويلد {رضي الله عنها} ورسول الله
r
. ولدت زينب {رضي الله عنها} في السنة الثلاثين من مولد محمد
r،
أي أنه كان يبلغ من العمر ثلاثين عاما عندما أصبح أباً لزينب
التي أحبها كثيراً وكانت فرحته لا توصف برؤيتها. أما السيدة
خديجة {رضي الله عنها} فقد كانت السعادة والفرحة تغمرانها
عندما ترى البِشر على وجه زوجها وهو يداعب ابنته الأولى.
واعتاد أهل مكة العرب عامة والأشراف منهم خاصة على إرسال
صغارهم الرضع بيد مرضعات من البادية يعتنين بهم وبعدما يقارب
من السنتين يعيدوهم إلى ذويهم. بعد أن عادت زينب {رضي الله
عنها} إلى حضن أمها خديجة عهدت بها إلى مربية تساعدها على
رعايتها والسهر على راحة ابنتها. وترعرعت زينب في كنف والدها
حتى شبّت على مكارم الأخلاق ِوالآداب والخصال فكانت تلك الفتاة
البالغة الطاهرة.
زواج زينب {رضي الله عنها} :
كانت هالة بنت خويلد أخت خديجة {رضي الله عنها} زوج رسول الله
r
تقبل على أختها بين الحين والآخر، فقد كانتا قريبتان من
بعضهما، وكانت هالة تعتبر السيدة خديجة أماً وأختاً لها وكم
حلمت بأن تكون زينب بنت أختها {رضي الله عنها} زوجة لابنها
أبي العاص. من ذلك نجد أن هالة أحسنت الاختيار فهي زينب بنت
محمدr
أحد أشراف قريش ومكانته كانت عظيمة بينهم وأمها ذات المنزلة
الرفيعة والأخلاق الكريمة أيضاً. أما زينب فلم تكن بحاجة إلى
تعريف, فأخلاقها كانت من أهم ما جذب خالتها لها. كان أبو
العاص قد تعرف إلى زينب من خلال الزيارات التي كان يقوم بها
لخالته {رضي الله عنها}، ومن هناك عرف عن طباع ابنة خالته زينب
وأخلاقها فزاد من ترداده على بيت خالته. وفي إحدى الأيام فاتحت
هالة أختها بنوايا ابنها الذي أختار زينب بنت محمدr
ذو المكانة العظيمة في قريش لتكون شريكة حياته وزوجة له.
سرت بهذا الخبر السيدة خديجة {رضي الله عنها} وهي ترى ابنتها
وقد كبرت وأصبحت في سن الزواج ، فأي أم لا تحلم بزواج ابنتها
وخاصة إذا كانت هي بكرها. أخبرت خديجة {رضي الله عنها} الرسول
r
بنوايا ابن أختها أبي العاص ورغبته في التقدم لخطبة ابنته زينب
{رضي الله عنها}، فما كان من رسول الله
r
إلا أن يرحب به ليكون زوجاً لابنته بعد موافقتها طبعاً؛ وكان
ذلك لأن أبا العاص يلتقي نسبه من جهة الأب مع رسول الله
r
عند الجد الثالث عبد المناف فهو أبو العاص ابن الربيع بن عبد
العزى بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى، وكذلك فإن نسبه يلتقي
من جهة الأم مع زينب بنت محمد
عند جده خويلد بن أسد بن عبد العزى. بالإضافة إلى ذلك فإن أبا
العاص على الرغم من صغر سنه فقد عرف بالخصال الكريمة والأفعال
النبيلة. وعندما ذهب أبو العاص إلى رسول الله
ليخطب ابنته، قال عنه الرسول
إنه نعم الصهر الكفء، هذا يعني أن محمدا ً
لم يجد به عيبا،ً وطلب من الخاطب الانتظار، حتى يرى رأي ابنته
في ذلك ولم يشأ الموافقة على أبي العاص قبل موافقة ابنته زينب
عليه. وهذا موقف من المواقف التي دلت على حرص الرسول
على المشاورة ورغبته في معرفة رأي ابنته في هذا الموقف. وما
كان من زينب {رضي الله عنها} إلا أن تسكت إعلاناً منها قبول
ابن خالتها أبا العاص؛ ليكون زوجاً لها تسهر على رعايته
وراحته، وتشاركه فرحه وحزنه وتوفر له أسباب السعادة.