جمال عبدالحي Admin
عدد المساهمات : 5200 النقط اللى حصلت عليها فى منتدى بحبك يا : 6222 تاريخ التسجيل : 04/10/2010 العمر : 30
بطاقة الشخصية لعبه: كابتن جمي ســــوره: (0/0)
| موضوع: في ضوء السنة النبوية 12/08/11, 10:13 pm | |
| - معنى ليلة القدر
| يرى بعض العلماء أن معنى القدر الذي أضيفت إليه الليلة هو العظيم، كقول الله سبحانه وتعالى: "وما قدروا الله حق قدره" فهي ذات قدر وتعظيم لما نزل فيها من القرآن الكريم .. أو أن العظمة والقدر لما يحدث فيها من نزول الملائكة، وأيضا لما ينزل في هذه الليلة من رحمات الله تعالى وبركاته وغفرانه وفيوضاته، أو أن يحييها، يصبح ذا قدر وشرف، ومنزلة كريمة. وقال البعض .. القدر هنا التضييق، كقول الله تعالى: "ومن قدر عليه رزقه" والمراد بالتضييق إخفاء الليلة وعدم تعيينها .. أو لأن الأرض تضيق فيها عن الملائكة، أو القدر فيها بمعنى القدر، أي أنه يقدر فيها أحكام تلك السنة وما يقضي الله به على عباده، وذلك لقول الله عز وجل: "فيها يفرق كل أمر حكيم". ولقيام ليلة القدر فضل وافر، لأن الله تعالى مادام قد جعلها خيرا من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، فهذا يفيد أن العبادة فيها تكون أعظم شأنا منها في غيرها. <عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"> والمراد بقوله صلى الله عليه وسلم "من صام رمضان إيمانا" أي تصديقا بوعد الله تعالى بالثواب، فقد وعد رب العزة بثواب الصائمين وتكفل به، كما جاء في الحديث القدسي: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فهو لي وأنا أجزي به" "واحتسابا" أي طلبا لوجه الله سبحانه وتعالى ثوابه وطلبا للأجر لا لشيء آخر من رياء أو نحوه. والاحتساب من الحسب كالاعتداد من العدد، وإنما قيل لمن ينوي بعمله وجه الله: "احتسبه"، لأن له حينئذ أن يعتد عمله، فجعل في حال مباشرة الفعل كأنه معتد به. <وفي قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ".. غفر له ما تقدم من ذنبه"> ما يفيد الإطلاق فيشمل الصغائر والكبائر، والمعروف أنه يختص بالصغائر، أما الكبائر فلا تغفر إلا بالتوبة النصوح بشروطها وهي: الندم على ما فات، والعزم على عدم العودة والإقلاع عن الذنب، ورد الحقوق لأصحابها. وفي بيان الرسول صلى الله عليه وسلم لجزاء الصائم بغفران الله له ما تقدم من ذنبه، قيد هذا الجزاء بأن صيامه (إيمانا واحتسابا)، لينفي عن ساحة الصائم الرياء وحب الظهور وغير ذلك من الدواعي التي تقلل ثواب العبادة بل أحيانا تحبطها، وليكون الصائم مخلصا في عبادته، وصادقا فيها، ومقبلا بها على ربه سبحانه وتعالى قاصدا بها وجه الله تعالى وحده لا شريك له كما قال الله تعالى: [{فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا }] وهذا الجزاء أيضا، وهو غفران الذنوب، يكون لمن أقام ليلة القدر إيمانا واحتسابا كذلك، وتكون إقامة ليلة القدر بأداء صلاة القيامة فيها، وهي صلاة التراويح، وبقراءة القرآن، والتهجد والذكر والدعاء. ولما كانت ليلة القدر غير محددة ولا معينة بل هي في العشر الأواخر من شهر رمضان، وفي الوتر من العشر الأواخر. ويتناول الغفران الذنوب الصغيرة، وقال الإمام النووي: المعروف أنه يختص بالصغائر، وبه جزم أمام الحرمين. ويجوز أن يخفف من الكبائر إذا لم يصادف صغيرة. وعند الإمام النسائي (ما تقدم من ذنبه وما تأخر)، ولكن كيف تغفر الذنوب المتأخرة التي لم تفعل بعد؟. والجواب على هذا هو كما روى في شأن أهل بدر: "اعملوا ما شئتم فقد غفر لكم". ومحصل الجواب أنه قيل: أنه كفاية عن حفظهم من الكبائر فلا تقع، وقيل معناه: أن ذنوبهم تقع مغفورة. وهل يحصل الثواب المترتب على ليلة القدر لمن أقامها، أو يتوقف ذلك على كشفها له؟ جماعة من العلماء منهم الطبري وغيره يقولون: أن الثواب المترتب على ليلة القدر يحصل لمن اتفق له قيامها بالعبادة، وأن لم يظهر له شيء، ولا يتوقف الفضل الحاصل له على كشفها أو ظهور شيء من العلامات.
|
| |
|
جمال عبدالحي Admin
عدد المساهمات : 5200 النقط اللى حصلت عليها فى منتدى بحبك يا : 6222 تاريخ التسجيل : 04/10/2010 العمر : 30
بطاقة الشخصية لعبه: كابتن جمي ســــوره: (0/0)
| موضوع: رد: في ضوء السنة النبوية 12/08/11, 10:13 pm | |
| - ماذا صنع الخصام .. في ليلة القدر؟
| حدث أن تخاصم رجلان فكانت خصومتهما سببا لرفع معرفة ليلة القدر .. فكيف كان ذلك؟ <عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين، فقال: خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة> إن ليلة القدر لم ترفع بسبب الملاحاة، وأما رفع تحديد معرفتها بدليل قوله: "التمسوها". وينبه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن رفعها يكون خيرا بقوله "وعسى أن يكون خيرا لكم" يريد بذلك بيان أن إخفاءها يستدعي قيام الشهر كله أو العشر الأواخر كلها بخلاف ما لو تحدد وقتها. ومعنى تلاحى رجلان: أي تخاصما وتنازعا، وفي رواية أخرى: "فجاء رجلان مختصمان معهما الشيطان". وذكر الإمام الحافظ ابن حجر في شرحه ما استنبطه السبكي الكبير من هذه القصة: استحباب كتمان ليلة القدر لمن رآها. قال: ووجه الدلالة أن الله قدر لنبيه أنه لم يخبر بها، والخبر كله فيما قدر له، فيستحب اتباعه في ذلك. قال: والحكمة فيه أنها كرامة ينبغي كتمانها بلا خلاف بين أهل الطريق من جهة رؤية النفس فلا يأمن السلب، ومن جهة ألا يأمن الرياء، ومن جهة الأدب فلا يتشاغل عن الشكر لله بالنظر إليها وذكرها للناس، ومن جهة أنه لا يأمن الحسد فيوقع غيره في المحظور، ويستأنس له. يقول يعقوب عليه السلام: "يا بني لا تقصص رؤياك على أخوتك". وإذا كانت الملاحاة سببا لرفع تعيينها، والخصومات تمنع الخير، فإن واجب المسلمين أن يكونوا متحابين متآلفين يحب كل منهم لأخيه ما يحب لنفسه، ومن كانت بينه وبين أخيه المسلم خصومة فليبادر بالصلح، ومن كانت بينه وبين أحد أرحامه قطيعة فعليه أن يقوم بصلة رحمه، وألا يترك الناس للخصومات تأكل العلاقات وتدمر وشائج الود والألفة فيما بينهم، فإن الخير يرتفع من الأرض بسبب الخصومات والخلافات، وأن الخير والبركة تنتشر في الأرض حين يتراحم العباد ويتآلفون "الراحمون يرحمهم الرحمن".
|
| |
|
جمال عبدالحي Admin
عدد المساهمات : 5200 النقط اللى حصلت عليها فى منتدى بحبك يا : 6222 تاريخ التسجيل : 04/10/2010 العمر : 30
بطاقة الشخصية لعبه: كابتن جمي ســــوره: (0/0)
| موضوع: رد: في ضوء السنة النبوية 12/08/11, 10:14 pm | |
| - ليلة .. لها علامات ومواقيت!
| عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر .. <فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر"> لليلة القدر منزلة جليلة في الإسلام، فهي خير من ألف شهر، وفيها تتنزل الملائكة والروح فيها بإذن الله سبحانه وتعالى من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر. ولم يشأ الله سبحانه أن يحدد ميقات ليلة القدر تحديدا دقيقا واضحا حتى لا يتكل الناس وإنما أخفى الله تعالى وقتها ليقوم المسلمون بإحياء اكبر وقت ممكن من أيام رمضان ولياليه، وذلك جار في كثير من الأمور، فقد أخفى الله تعالى ساعة الموت ووقت انتهاء الأجل، لتستمر الخشية من الله تعالى، ويستمر المسلم في طاعة ربه. <وفي قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر"> ما يوهم ظاهره التعارض مع رواية البخاري "أن ناسا أروا ليلة القدر في السبع الأواخر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم التمسوها في السبع الأواخر"، فرواية مسلم أفادت تواطؤ رؤياهم على السبع، ورواية البخاري أفادت أن منهم من رآها في السبع ومنهم من رآها في العشر؟ ويجاب على هذا بأن المراد بالتواطؤ التوافق، وهو أعم من أن يكون الحديث بلفظه أو بمعناه. فالبخاري لم يلتزم في رواية الحديث بلفظ التواطؤ، وأفرد السبع داخلة في العشر، فما رأى البعض أن ليلة القدر في السبع، فأمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بتحريها في السبع الأواخر. وذلك لتوافق الطائفتين على السبع. وقد رأى بعض العلماء أن المراد بالسبع المطلوب تحري ليلة القدر فيها هي السبع الأواخر من رمضان: <وذلك لما ثبت عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان فإن غلبتم فلا تغلبوا على البواقي"> <وما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "التمسوها في العشر الأواخر "يعني ليلة القدر" فإن ضعف أحدكم أو عجز فلا يغلبن على السبع البواقي"> فهذا يدل على ترجيح الرأي القائل بأن ليلة القدر في أواخر العشر. ورأي بعض العلماء، أن المراد بالسبع التي أولها ليلة الثاني والعشرين وأخرها ليلة الثامن والعشرين، وذلك لما رواه البخاري وغيره عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال التمسوها في العشر الأواخر من رمضان، ليلة القدر في تاسعة تبقى، في سابعة تبقى، في خامسة تبقى. وبسبب اختلاف هذه الروايات وقع اختلاف كبير بين العلماء في تحديد وقتها، وذكروا آراء كثيرة تزيد على أربعين رأيا. ولليلة القدر امارات وعلامات، معظمها لا يكون إلا بعد مضي تلك الليلة. ومن هذه العلامات طلوع الشمس على صفة معينة، وهي أنها لا شعاع لها لما روي عن زر بن حبيش قال سمعت أبي بن كعب يقول. وقيل له أن عبد الله بن مسعود يقول من قام السنة أصاب ليلة القدر فقال أبي: والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان يحلف ما يستثنى، والله أني لأعلم أي ليلة هي؟ هي وعشرين وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها". وروي ابن خزيمة من حديث ابن عباس مرفوعا "ليلة القدر طلقة، لا حارة ولا باردة، تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة" ولأحمد من حديث عبادة "لا حر فيها ولا برد وأنها ساكنة صاحية وقمرها ساطع". ويلاحظ أن هذه العلامات الأخيرة تكون أثناء الليلة، وهذه الأمارات هي التي جاءت بها السنة الشريفة. وليست ليلة القدر كما يزعم البعض كوكبا يضيء أو جائزة مادية يتلقفها صاحب الحظ، وإنما ليل القدر هي ليلة مباركة ذات مكانة جليلة، ينبغي على المسلم أن يقيمها بسائر أنواع العبادات، ولا مانع من ظهورها بعض العلامات الدالة عليها. وقال الطبري: "في إخفاء ليلة القدر دليل على كذب من زعم أنه يظهر في تلك الليلة للعيون ما لا يظهر في سائر السنة، إذ لو كان حقا لم يخف على كل من قام ليالي السنة، فضلا عن ليالي رمضان". وتعقبه ابن المنبر بأنه لا ينبغي إطلاق القول بالتكذيب لذلك، بل يجوز أن يكون ذلك على سبيل الكرامة لمن شاء الله من عباده فيختص بها قوم، دون قوم، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يحصر العلامة، ولم ينف الكرامة. قال: ومع ذلك فلا يعتقد أن ليلة القدر لا ينالها إلا من رأى الخوارق، بل فضل الله تعالى واسع، ورب قائم تلك الليلة لم يحصل منها إلا على العبادة من غير رؤية خارق، وآخر رأي الخوارق من غير عبادة، والذي حصل على العبادة افضل. والعبرة إنما هي بالاستقامة بخلاف الخارق، فقد يقع كرامة وقد يقع فتنة. وقيل أن المطلع على ليلة القدر يرى كل شيء ساجدا. وقيل يرى الأنوار ساطعة في كل مكان حتى في المواضع المظلمة. وقيل يسمع سلاما أو خطابا من الملائكة. وقيل من علاماتها استجابة دعاء من وقف لها".
|
| |
|
جمال عبدالحي Admin
عدد المساهمات : 5200 النقط اللى حصلت عليها فى منتدى بحبك يا : 6222 تاريخ التسجيل : 04/10/2010 العمر : 30
بطاقة الشخصية لعبه: كابتن جمي ســــوره: (0/0)
| موضوع: رد: في ضوء السنة النبوية 12/08/11, 10:14 pm | |
| - أرجى الليالي .. عند الجمهور
| ولترجيح أنها ليلة السابع والعشرين وإيراد أهم علاماتها "هناك روايات عديدة" فقد روي الإمام مسلم بسنده عن عبدة وعاصم بن أبي النجود سمعا زر بن حبيش يقول: سألت أبي بن كعب رضي الله عنه، فقلت: "أن أخاك ابن مسعود يقول من يقم الحول يصب ليلة القدر؟" فقال رحمه الله: أراد ألا يتكل الناس، أما أنه قد علم أنها في رمضان وأنها في العشر الأواخر، وأنها ليلة سبع وعشرين، ثم حلف لا يستثنى أنها ليلة سبع وعشرين .. فقلت: بأي شيء تقول ذلك يا أبا المنذر؟ قال: بالعلامة أو بالآية التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تطلع يومئذ لا شعاع لها". وفي هذا بيان لما كان عليه الصحابة رضوان الله تعالى عليهم من حرص أكيد على العبادات، ومضاعفة الطاعات وما كانوا عليه من تحين أيام الخير والبركة وإحيائها بما ينبغي من الذكر والعبادة وسائر القربات، مع هذا، فأنهم ما كانوا يتكلون على تلك الأيام أو بعض الليالي الفاضلة، بل كانت جهودهم في العبادة موزعة على سائر أيام السنة. وفي هذا الحديث توضيح لما قاله عبد الله بن مسعود رضي الله عنه "من يقم الحول يصب ليلة القدر" أراد بهذا أن يقيم الناس الحول كله حتى لا يتكلوا على ليلة واحدة ويهملوا باقي أيام السنة من العبادات والطاعات. مع أنه كان يعلم أن ليلة القدر في شهر رمضان، وأنها ليلة سبع وعشرين وحلف لا يستثنى أنها ليلة سبع وعشرين. <ومما ورد بشأن بعض علاماتها ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه قال: تذاكرنا ليلة القدر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أيكم يذكر حين طلع القمر وهو مثل شق جفنة"؟> وفي هذا الحديث إشارة إلى أن ليلة القدر إنما تكون في أواخر شهر رمضان، لأن القمر لا يكون كذلك عند طلوعه إلا في أواخر الشهر. <ومما ورد بشأنها كذلك عن عبد الله بن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أريت ليلة القدر ثم أنسيتها، وأراني صبحها أسجد في ماء وطين> قال: فمطرنا ليلة ثلاث وعشرين، فصلي بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فانصرف وإن أثر الماء والطين على جبهته وأنفه قال: وكان عبد الله ابن أنيس يقول: ثلاث وعشرين. أي" ليلة ثلاث وعشرين" على حذف مضاف وهي لغة شاذة، أما الرواية الأخرى فهي: "ثلاث وعشرون". وأرجح الأقوال أنها في الوتر من العشر الأواخر، وأرجى الليالي عند الجمهور ليلة سبع وعشرين. وقد روي عبد الرازق عن ابن عباس قال: دعا عمر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسألهم عن ليلة القدر، فأجمعوا على أنها في العشر الأواخر. قال ابن عباس: فقلت لعمر أني لأعلم وأظن ليلة هي. قال عمر: أي ليلة هي؟ فقلت: سابعة تمضي أو سابعة تبقى من العشر الأواخر. فقال: من أين علمت ذلك؟ فقلت: خلق الله سبع سماوات، وسبع أرضين، وسبعة أيام، والدهر يدور في سبع، والإنسان خلق من سبع، ويأكل من سبع، وسجد على سبع والطواف والجمار وأشياء ذكرها. فقال عمر: لقد فطنت لأمر ما فطنا له. وأهم ما ينبغي التنبيه إليه أنها ليلة ذات قدر وشرف، على المسلم أن ينتهزها بالعبادة وألا يحرم نفسه فيها من الدعاء، ويكثر من قوله: "اللهم أنك عفو تحب العفو فاعف عني" لما روى عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت يا رسول الله أرايت أن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي "اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني". <وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه"> فالعبادة فيها خير من ألف شهر، وأفضل الدعاء أن يسأل العبد ربه سبحانه العفو. وقال الإمام الصاوي في تفسيره: واحسن ما يدعي به في تلك الليلة العفو والعافية كما ورد. وينبغي لمن شق عليه طول القيام أن يختير ما ورد في قراءته كثرة الثواب. كآية الكرسي وأواخر البقرة وسورة الإخلاص ويكثر من الاستغفار والصدقة وورد: من صلى المغرب والعشاء في جماعة فقد أخذ بحظ وافر من ليلة القدر. وورد من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام شطر الليل، فإذا صلى الصبح في جماعة فكأنما قام شطره الآخر. وورد: من قال لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب السماوات السبع ورب العرش العظيم .. ثلاث مرات كان كمن أدرك ليلة القدر. وذلك حين يكون صادق القلب، مخلص النية مقبلا على ربه طاهر الظاهر والباطن. إنما يتقبل الله من المتقين. ولاشك أن ليلة القدر هي ليلة قبول الدعاء. وفي ليلة القدر تتنزل ملائكة الله تعالى، وتغشى رحمته العباد، ويتقبل الله دعاء من دعاه، فالسعيد من يطهر نفسه من الأحقاد ويخلص في الإقبال على الله تعالى صلاة وتلاوة للقرآن وذكرا ودعاء واستغفارا. <عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذ كان ليلة القدر نزل جبريل في كبكبة من الملائكة يصلون ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله تعالى"> وليلة القدر هي من نفحات الله تعالى التي ينفع بها عباده المؤمنون "أن لربكم في أيام دهركم نفحات ألا فتعرضوا لها" والتعرض للنفحات يكون بالتوبة الصادقة والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى وكثرة الذكر والدعاء.
|
| |
|
جمال عبدالحي Admin
عدد المساهمات : 5200 النقط اللى حصلت عليها فى منتدى بحبك يا : 6222 تاريخ التسجيل : 04/10/2010 العمر : 30
بطاقة الشخصية لعبه: كابتن جمي ســــوره: (0/0)
| موضوع: رد: في ضوء السنة النبوية 12/08/11, 10:15 pm | |
| - ليلة القرآن .. والمجتمع العظيم
| إذا كانت ليلة القدر هي الليلة التي أنزل فيها القرآن، وتنزلت فيها ملائكة الرحمن، من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر. فلنعلم أن في ليلة نزول القرآن دعوة مؤكدة إلى إحيائها بالقرآن، وفهم معانيه، وتطبيق دعوته إلى الحق والخير والسلام. ومما لاشك فيه أن للقرآن الكريم منهجه في بناء المجتمع الإسلامي الفاضل. وللقرآن الكريم دعته وهدايته إلى أقوم السبل وأعظمها، كما قال الله تعالى: [{إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ }] ودعوة القرآن الكريم إلى بناء المجتمع المثالي لا تقتصر على ما فرضه من حدود على الجرائم والشرور .. لتنقية المجتمع منها فحسب، ولا على النواهي والتحذيرات التي تحرم على المسلم ارتكاب الرذيلة أو فعل القبيح أو الإهمال فيما وجب عليه فقط، كما لا تقتصر على ما شرعه الله تعالى من عبادات ومعاملات وجهاد لا غير. ولا تقتصر كذلك على ما جاء من الفضائل أو الأخلاق في ذروتها كالإيثار، والإحسان إلى من أساء وغير ذلك .. بل أن دعوة الإسلام تضمنت مع كل هذا وذاك "الأسوة الحسنة" التي تمثلت في رسول الله صلوات الله وسلامه عليه، وبلغ فيها أسمى الدرجات، فلا يكفي للرائد والمعلم أن يلقي توجيهاته دون أن تكون أعماله وسلوكه مصوغة على أعلى المستويات فيما يأمر أو ينهى عنه. والمعلوم أن في الإنسان فطرة خيرة كريمة، ونزعة بشرية مقابلة، وكل واحدة من هاتين تحاول اجتذاب الإنسان إلى صفها، فمن زكى نفسه فقد أفلح. ومن أهملها فقد ضل ضلالا مبينا "ونفس وما سواها فألهما فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها". ولكي يكون السلوك دائم النقاء، موصول الخير، مأمونا عليه من الانزلاق في حل المعصية، والشرور جاءت توجيهات الإسلام لتخاطب الظاهر والباطن، ولتستحث في الإنسان فطرته الطيبة وتحرك أشعتها مضيئة صوب الحق والخير. ولا يجعل الإسلام الحساب على مجرد شكل العمل وصورته، بل على روحه ونية فاعله، <قال صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"> <وقال عليه الصلاة والسلام: "إنما يبعث الناس على نياتهم"> وهنا يتجلى ما يتضمنه الدين من بعث لقوى الخير الكامنة. وإطفاء لنزعات الشر الطائشة في داخل النفس الإنسانية، أن قوانين الدنيا قد يفلت البعض منها بحيلة ما، فلا يقع تحت طائلة العقاب، أما بالنسبة للقوانين الإلهية فمهما أخفى العبد جريمته .. فلن تخفى على علام الغيوب الذي يعلم السر وأخفى. ولهذا كان الإسلام في دعوته يجمع كل صفات الظاهر والباطن ويغرس في النفس الإنسانية روح المراقبة ومعاني الخير الكاملة . وينقي القلب دائما ويجعله على صلة وثيقة بالله وبالناس. وسنرى كيف نادى الكتاب العزيز والسنة الشريفة إلى كل هذا، وكيف كانت تقوى الله تعالى هي أهم الركائز، وعلى ضوئها تنبثق كل الفضائل والأخلاق. فلقد أرسى الإسلام قاعدة المثالية بالنسبة للأفراد والجماعات، والأمم والشعوب، وعلى ضوئها يقوم بناء المجتمع المثالي، هذه القاعدة القرآنية هي جعل التقوى شعار، وطبقها سلوكا. فآتت ثمارها حقيقة. وقد وضح القرآن الكريم سمات هذا المجتمع الرفيع، وبين أنه هو الذي يجعل القرآن هداه "ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون". ويرسم القرآن صورة هذا المجتمع المتكامل في مبادئه، بأنه صحيح العقيدة في دينه، متعاون في معاشرته، مهذب النفس في سائر معاملاته وعلاقاته. ا. أما صحة العقيدة: فتكون بالإيمان بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين. 2. وأما تعاونه في المعاشرة: فيكون بإيتاء المال ـ مع حبه له ـ لأصحاب الحقوق والمحتاجين. <فقد روي مسلم بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي الصدقة أعظم أجرا؟ فقال: "أما وأبيك لتنبأنه: أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل البقاء، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا وقد كان لفلان"> 3. وأما تهذيب النفس في سائر المعاملات والعلاقات: فيكون بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، والوفاء بالعهد، والصبر في كل الأحوال وفي أوقات الشدائد، وعند لقاء العدو. إن من يجمع هذه المبادئ فقد صار صادقا في دينه، واتباعه للحق وطلبه للبر، وهو بحق تقي .. والمجتمع الذي يتسم بها هو المجتمع المثالي الفاضل ويجمع محسنين "كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون". هذه المبادئ كلها تشير إلى قول الله تعالى: [{لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ }] وفي موطن آخر من سورة "الذاريات" يصور القرآن الكريم صورة المجتمع المثالي بأنه مجتمع تقي بلغ في رقيه وتقاه إلى درجة الإحسان: <التي أشار إليها الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله: "أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك"> وقبل أن يذكر ملامح هذا المجتمع يبين جزاء أصحابه، وما أعده الله تعالى من جنات وعيون. وما هم عليه من رضا تام، وقبول حسن لما آتاهم ربهم، فيقول الله تعالى: [{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ "15" آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ "16" كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ "17" وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ "18" وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ "19"}] أن درجة الإحسان التي أشارت إليها الآيات السابقة، لهي أمان للمجتمع، فوق ما لها من منزلة، وما لأصحابها من أجر وافر عند الله، هي أمان من الخوف والفزع والقلق النفسي، وهو أمان من الحزن الذي يصاب به غير المحسنين في أعمالهم وعباداتهم. قال تعالى: [{بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ}] وتفسر الآيات الشريفة درجة الإحسان في التقوى والعمل، بأنها ترقي بالمجتمع إلى الدرجات العلا .. ا. أنهم يهجعون في طائفة قليلة من الليل، ويقضون سائر الليل في العبادة. 2. ومع قلة هجوعهم، وكثرة تهجدهم ينهضون في الأسحار ويستغفرون ربهم وكأنهم لم يقضوا الليل في العبادات .. فهم يصلون في الرقي بالعبادات من نوع إلى آخر ولا يركنون لما قدموا من طاعة أو سهر وتهجد بل مع هذه الاجتهادات يكثرون من الاستغفار وكأنهم مذنبون. 3. ثم يقدمون بعد هذا الدليل على صدق الإيمان، وإحسان الطاعة، وذلك بالبذل والإنفاق ولا يقصرون البذل والعطاء على السائل الذي يسأل، بل يبذلون وينفقون على من يسأل، كالمحرم وهو: المستجدي، والمتعفف الذي يظنه بعض الناس غنيا، لعدم سؤاله فيحرم الصدقة، ومصداق ذلك في موطن آخر، قول الله تعالى: [{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ "16" فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }]
وإذا كان القرآن الكريم قد بين جزاء قيام الليل بهذه الصورة: [{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }] فقد أكدت السنة الشريفة عظمة هذا الجزاء: <عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال الله تعالى: "أعددت لعبادي الصالحين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" قال أبو هريرة: اقرأوا إن شئتم: "فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين"> وأما جزاء الاستغفار وثمرته: فواضح في قوله الله تعالى: [{فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا "10" يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا "11" وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا "12"}] <ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا ورزقه من حيث لا يحتسب"> وأما فضل الإنفاق وجزاؤه فقد قال تعالى: [{لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا }] وقال تعالى: [{وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ}] <وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن ملكا بباب من أبواب السماء يقول: من يقرض الله يجز غدا، وملكا بباب آخر يقول: اللهم أعط منفقا خلفا وعجل لممسك تلفا"> هذه العناصر الثلاثة: قيام الليل، وعدم الاتكال على ذلك فيكثر من الاستغفار، ثم إقامة البرهان على الصدق في جميع الفضائل بالإنفاق، <كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ".. والصدقة برهان"> هذه كلها تشكل عناصر الإحسان الذي هو عنوان المجتمع المثالي الذي أخذ نفسه بتقوى الله تعالى والإحسان في عباداته ومعاملاته. والناس في نظرهم للمثالية يختلفون، وينقسمون إلى قسمين: أحدهما: يراها في حب الشهوات، وهؤلاء هم حزب الشيطان وعشاق الدنيا الذين غرتهم الأماني وغرهم بالله الغرور. والآخر: يراها في تقوى الله تعالى، وهؤلاء هم حزب الله "ألا أن حزب الله هم المفلحون". وقد بين القرآن الكريم أن القسم الثاني هو الذي على حق، وهو الذي أعد له ربه جزاء عمله على نوعين: الأول: جسماني نفسي، وهو الجنة والأزواج المطهرة. والثاني: روحاني عقلي، وهو رضوان الله سبحانه وتعالى. ويصور القرآن الكريم النوعين من المجتمع في قوله تعالى: [{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ "14" قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ "15"}] ثم تبرز لنا الآيات الكريمة سمات هذا المجتمع العظيم: [{الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ "16" الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ }] أنهم رتبوا طلب المغفرة على الإيمان، وابتهلوا إلى الله بصدق إيمانهم ليغفر لهم. كما أنهم صابرون. والصبر ضياء، وقد قال الله تعالى في جزاء الصابرين: [{إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ }] وقال تعالى: [{وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ }] <وقال صلى الله عليه وسلم: "عجبا لأمر المؤمن أن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن أن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وأن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له"> ثم يصفهم بعد ذلك بالصدق، والصدق يكون في القول والعمل. وقد قال الله تعالى في جزاء الصادقين: [{وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ "33" لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ "34" لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ "35"}] وقال تعالى: [{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ}] <وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمرة الصدق ونتيجته، وعاقبة الكذب ونهايته: "أن الصدق يهدي إلى البر وأن البر يهدي إلى الجنة وأن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وأن الكذب يهدي إلى الفجور وأن الفجور يهدي إلى النار وأن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا"> وحين يصفهم بالعبادة يصفهم بالمداومة عليها، والحرص على روحها ولبابها لا على الشكل والمظهر فحسب، فيصفهم "بالقانتين". وأما الصفتان التاليتان وهما: الإنفاق، والاستغفار، فبعض المفسرين يرى أن المراد بالاستغفار هنا الصلاة وقت السحر. وقد أمر الله تعالى عباده بالأخذ بأسباب المغفرة والجنة، ووجههم إلى المسارعة في ذلك، ولكن الأمر والتوجيه جاء بصيغة تقتضي تحقق هذا الجزاء العظيم الذي أعد لهم، لأنهم اتقوا ربهم حق تقاته، وقدم الجزاء أولا، ليبين أنه المتكفل به، والضامن له، ثم ذكر بعد ذلك سماتهم وأوصافهم .. ثم من أحسن عملان وليوضح أيضا أنه مؤكد عند الله سبحانه وتعالى. وفي معرض تعداد أوصاف المتقين الذين سموا في أعمالهم إلى مراقي الفلاح، والذين كونوا بمثاليتهم الفذة أرقى مجتمع إنساني على ظهر الأرض وفي معرض تعداد الأوصاف، ذكر نوعين من الأعمال، عليهما تدور سعادة الأمة التي ينتمون إليها كالإنفاق، والسعادة النفسية للعامل ذاته .. هذان النوعان هما: ا. العمل البدني كالإنفاق. 2. والعمل النفسي كعدم الإضرار. هذه الملامح السابقة يصورها قول الله تعالى: [{وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ "133" الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ "134" وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ "135" أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ "136"}]
وهكذا تطلعنا هذه الآيات الكريمة على خمس سمات إذا تحققت تكاملت بها صورة المجتمع المثالي: أولا: [{الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء }] أي في حالة الرخاء وفي حالة الشدة، والسراء من السرور، أي في الحالة السارة التي يستشعر فيها الإنسان السعة واليسر. و"الضراء": من الضرر أي في الحالة الضارة التي يستشعر فيها الإنسان الضيق والعسر. وقد روي عن ابن عباس تفسيرهما باليسر والعسر. وهنا لفتة إلهية حكيمة. حيث بدأ صفات المتقين بالإنفاق، وذلك لسببين: 1. لمقابلته بالربا الذي نهى عنه في الآية السابقة في قوله تعالى: [{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ .. }] فإذا كان في الربا استغلال من الغني للفقير، وانتهاز لحاجته وفاقته لأكل ماله بغير وجه حق .. فإن في الصدقة مساعدة للفقير وعونا له، لا يبتغي من الفقير جزاء ولا شكورا. 2. الإنفاق في جميع الحالات اليسر والعسر دلالة على صدق الإيمان، وبرهان على قوة اليقين .. وهذا هو شأن المتقين، لا يجرهم اليسر إلى البطر، ولا يوقهم العسر في القنوط، فهم لا يقتصرون في تعاونهم على حالة الرخاء والنعمة، بل هم في الحالين سواء، فلما كان الإنفاق أدل على التقوى، وأعظم نفعا للمجتمع الإنساني من سائر الأعمال الأخرى .. استهلت الآية الشريفة موكب المتقين بالإنفاق. ثانيا: "والكاظمين الغيظ" وهم الذين يحبسون غيظ نفوسهم بالصبر عندما يهضم لهم حق من الحقوق مادية كانت أو معنوية، وهذه الصفة تقتضي ضبط النفس وكبح جماحها، حتى لا تنزلق في الشر فتكون فتنة. <وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم درجة كظم الغيظ وثمرته في قوله "من كظم غيظا وهو يستطيع أن ينفذه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق حتى يخبره في أي الحور شاء"> ثالثا: "والعافين عن الناس" وهنا يرقي الإسلام بنقل المسلم، فبعد أن أطفأ جذوة الشر التي تكاد تندلع بها النفس الإنسانية، وذلك بكظم الغيظ، انتقل بالمسلم إلى درجة أسمى، فيها معالجة للنفس وارتفاع إلى مرتبة أسمى من العفو فيسمح ما بقى من شر حتى يعود القلب نقيا. <وعن عبادة بن الصامت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أنبئكم بما يشرف الله به البنيان ويرفع الدرجات؟ قالوا: نعم يا رسول الله. قال: تحلم على من جهل عليك وتعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك وتصل من قطعك"> رابعا: "والله يحب المحسنين". وإذا كان العفو منزلة فوق العدل كان عند بعض العلماء إحسانا وعلى هذا فمعنى "والله يحب المحسنين" أي الذين أحسنوا في معاملتهم وعفوهم. ولكنني أرى أن قوله تعالى: "والله يحب المحسنين" صفة رابعة، زائدة على ما سبق، وقد جاء في صيغة تبرزه بكونه محبوبا عند الله سبحانه، فهي درجة زائدة بلغ أصحابها في مثاليتهم مدى عظيما، بحيث لا يكتفون بكظم الغيظ والعفو فحسب، بل أنهم يحسنون إلى من أساء إليهم. روي أن بعض السلف الصالح غاظه غلام له غيظا شديدا فهم بالانتقام منه فقال الغلام: "والكاظمين الغيظ" فقال: كظمت غيظي. قال الغلام: "والعافين عن الناس" قال: عفوت عنك. قال: "والله يحب المحسنين" قال:اذهب فأنت حر لوجه الله. خامسا: "والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم" وهذه الصفة، تكشف عن الطبيعة البشرية وأنها عرضة للخطأ والزلل، فالمسلم التقي إذا اقترف معصية في حالة ضعف نفسي يبادر بالرجوع إلى ربه مستغفرا تائبا. وأن سماحة الإسلام لا تدع أمثال هذا النمط في مؤخرة القافلة، بل ترفعهم إلى مصاف المتقين ماداموا قد ذكروا ربهم، واستغفروه، ولم يصروا على ما فعلوا. ومما سبق يمكننا أن نبرز هنا سمات هذا المجتمع المثالي لنكون بمثابة الأضواء الكاشفة للأمة الإسلامية حتى تترسم الخطى الصحيحة التي أشار إليها الإسلام في القرآن والسنة، وهذه السمات منها ما يتعلق بصحة العقيدة: وهذا عن طريق الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقضاء والقدر .. وما يستلزمه من عبادات ومعاملات. ب. التعاون والتكافل الاجتماعي، هذا عن طريق التعاون والإنفاق في جميع الأحوال. تهذيب النفس الإنسانية. وترويضها. وكبح جماحها وفتح سبل الخير والحق لها. جـ. هذا عن طريق: الصلاة، الزكاة، الصوم، الحج للمستطيع، الوفاء بالعهد، الصبر في جميع الأحوال. د. سموهم في العبادة والقرب من الله .. وهذا عن طريق: قيام الليل، الاستغفار في الأسحار.
|
| |
|