برديات نقاط مضيئة‮..‬ في نهاية النفق

منظر انبلاج الصبح من بين دياجير الظلام يجعل الأمل يسري في نفسي فأنا
أؤمن بأن الظلام لن يستمر طويلا‮.. ‬فدائما هناك نقطة ضوء في نهاية النفق
المظلم‮.. ‬وخلال الاسابيع الماضية كان خبراء الاقتصاد والمسئولون في
الحكومة والمجلس العسكري يحذرون من خطر الانهيار الاقتصادي‮.. ‬وبأننا
مقبلون علي كارثة وثورة جياع‮.. ‬واحسست ان الليل سيطول‮.. ‬ولكني لم افقد
الأمل في ان مصر ستنهض من جديد‮.. ‬وسيعود اقتصادها أقوي مما كان‮.‬
ويوم
الأحد الماضي دعيت إلي جلسة مناقشة لمشروع استثماري جديد لانشاء محطة
تخزين للسولار والبوتاجاز بتكلفة تصل الي ‮٠٢٢ ‬مليون دولار يساهم فيها
القطاع الخاص ب ‮١٥‬٪‮ ‬وشركات البترول ب ‮٩٤‬٪‮ ‬وهذا المشروع عند
الانتهاء من تنفيذه يتيح توفير ‮٠٠١ ‬ألف متر مكعب من السولار‮.. ‬و‮٠‬5‮١
‬ألف متر مكعب من البوتاجاز‮.. ‬وهما من السلع التي شهدت ازمة طاحنة في
الفترة الاخيرة‮.. ‬واحسست خلال الجلسة ان عجلة الاستثمار بدأت في الدوران
ويمكن ان يستمر دوران العجلة لدعم الاقتصاد المنهك وضخ دماء جديدة الي
عروقه‮.‬
وفي نفس اليوم استمعت الي تصريح للدكتور أيمن فريد ابوحديد
وزير الزراعة وهو عالم جليل يعلن فيه ان التجارب التي اجريت بالمركز القومي
للبحوث الزراعية خلال السنوات الماضية نجحت في رفع انتاجية فدان القمح
لتصل الي ‮٥٢ ‬اردبا للفدان بزيادة تتراوح ما بين ‮٣ ‬و‮٤ ‬ارادب‮.. ‬واننا
في طريقنا لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح خلال سنوات وذلك بفضل علماء
مصر الذين انكبوا في معاملهم والحقول الارشادية التي يجرون فيها تجاربهم من
اجل الانتهاء من كارثة استيراد القمح بمئات الملايين من الدولارات وهي
نقطة ضوء بددت بعض الظلام الذي نعيش فيه‮.‬
نقطة ثالثة من الضوء لمعت في
الافق وهي الاعلان عن اكتشاف حقل للغاز الطبيعي بشمال الدلتا ينتج ‮٥٢
‬مليون قدم مكعب يوميا من الغاز تضيف الي انتاج مصر من هذه الطاقة النظيفة
وتعوض اجيالنا الحالية والقادمة عما تم اهداره من هذه الثروة بتصديرها الي
اسرائيل بأسعار زهيدة‮.. ‬ورغم ان الكشف ربما لا يكون ضخما بالمقارنة لحقول
اخري الا ان الاعلان عنه في هذا التوقيت يشيع الامل في نفوسنا‮.‬
وتتعدد
نقاط الضوء هذا الاسبوع حيث تم الاعلان عن حل مشكلة الحوالات الصفراء
للمصريين الغلابة الذين قدموا جهدهم وعرقهم لتنمية العراق وعادوا منذ عام
‮٠٩٩١ ‬دون ان يحصلوا علي حقوقهم التي حولوها عن طريق بنك الرافدين‮..
‬ولكنها لم تصل الي الان وهي تقترب من المليار دولار‮.. ‬وهذه الاموال تمثل
قطرات الندي التي تبل ظمأ حياتهم الجافة‮.. ‬خاصة انها تعود اليهم بعد ‮١٢
‬عاما كاملة‮.‬
نقطة ضوء رابعة وربما لا تكون الاخيرة وهي ما اعلنت عنه
بعض الدول عن تقديم دعم للاقتصاد المصري بمليارات الدولارات وذلك بعد ثورة
الشعب التي كشفت عن حجم فساد تعجز الاقلام عن وصفه وهو الفساد الذي افقر
هذا الشعب ودمر اقتصاده‮.‬
هذه النقاط المضيئة رغم بعثها للامل في
النفوس الا انها‮ ‬غير كافية لاعادة الحياة الي اقتصاد مصر‮.. ‬فلابد ان
يدعمها عودة العمال الي ماكيناتهم ومعداتهم لدوران عجلة الانتاج فبدون
الانتاج لن تقوم للجسد المريض للاقتصاد المصري قائمة‮.. ‬انها مثل نقل لتر
من الدم فقط لا يعيد الحياة الي المريض إلا بعد عودة خلاياه لانتاج الدم
الذي يعينه علي العيش بصحة جيدة‮.‬
ان الشعب المصري قادر بإذن الله
وبارادته التي لا تلين علي اعادة بناء ما تهدم من اقتصاده‮.. ‬وفي وقت قريب
جدا‮.. ‬ولعل نقاط الضوء التي ومضت خلال هذا الاسبوع بشير خير لما يتلوها
من ومضات‮.‬