آخر عمود السؤال يزداد صعوبة

كثيرون يتساءلون‮:‬
‮(‬لماذا لجأ المجتمع الدولي إلي القوة العسكرية
لحماية الليبيين من بطش القذافي،‮ ‬ولم يستخدمها لحماية السوريين من جبروت
الأسد‮.. ‬رغم أن‮ »‬الحال من بعضه‮« ‬في طرابلس ودمشق؟‮!)‬
وكثيرون
أيضاً‮ ‬من أجابوا‮ -‬من وجهة نظرهم‮- ‬عن السؤال الحائر‮. ‬معظم الإجابات
التي نسمعها ونقرأها تشير إلي البترول كسبب أول وراء التفرقة في حماية
الشعبين‮. ‬فليبيا تحظي بكميات هائلة من البترول الخام،‮ ‬بعكس سوريا،‮
‬وهو ما يبرر التدخل العسكري الدولي في ليبيا ليس حرصاً‮ ‬علي حماية وسلامة
الليبيين وإنما من أجل حماية حقول البترول‮. ‬أما لماذا أفلت نظام بشار
الأسد من نفس المصير،‮ ‬فذلك راجع إلي أن سوريا ليس لديها بترول تعرضه
للبيع‮!‬
رغم تكرار ترديد هذا المبرر،‮ ‬إلا أن هناك من لا يصدقه‮.
‬فإذا كانت دول الغرب حريصة‮ -‬وهي بالفعل كذلك‮- ‬علي بترول ليبيا،‮ ‬فإن
الضمان الوحيد لاستمرار تدفقه عليها هو الإبقاء علي معمر القذافي حاكماً‮
‬مستبداً‮ ‬في بلده‮.‬
يستند أصحاب هذا المنطق إلي أن شركات البترول
الأمريكية والأوروبية كانت تحظي وحدها‮ - ‬طوال السنوات الماضية‮-
‬باتفاقيات وصفقات تخصها بالبحث والتنقيب عن البترول الليبي،‮ ‬وضخه،‮
‬وتسويقه،‮ ‬وجني عائدات استثماراته‮. ‬هذه الصفقات لم تكن لتتم إلا بأمر
خاص من الأخ العقيد الذي توهم أن‮ »‬بيع‮« ‬البترول للدول الغربية،‮ ‬يعني
ببساطة شديدة أنه‮ »‬اشتري‮« ‬صداقة حكام تلك الدول بكسر عين معظمهم‮ -
‬خاصة الإيطالي‮ »‬برلسكوني‮« ‬والفرنسي‮: »‬ساركوزي‮«‬،‮ ‬والأمريكي‮/
‬الأفريقي‮: »‬أوباما‮« ‬وقبلهم البريطاني‮: »‬توني بلير‮«.‬
الأهم من
شراء حميمية رؤساء الدول الكبري أنه ضمن‮ - ‬كما تصور الأخ القائد‮ - ‬ألا
يفكر أحدهم في التعرض له بكلمة نقد،‮ ‬أو التطفل‮ -‬من قريب أو بعيد‮ -
‬علي أساليبه في قمع وقهر واذلال شعبه‮.. ‬وهو ما نعم به بالفعل خلال
الفترة الطويلة الماضية وحتي عشية اليوم الذي انتفض فيه شباب ليبيا ونزل
إلي الشوارع وتجمع في الميادين مطالباً‮ ‬بأبسط حقوق المواطنة التي حرم
الشعب الليبي منها طوال عقود حكمه الأربعة‮.‬
مع بدء منظومة القمع
الوحشي التي خططها الأخ العقيد وأمر بتنفيذها لتصفية المتظاهرين،‮ ‬فوجيء‮
»‬ولي النعم‮« ‬بأن من اصطفاهم بصداقته،‮ ‬وأغدق بالكثير عليهم،‮ ‬وعلي
شركاتهم واقتصاديات دولهم‮.. ‬سارعوا بالتنكر له،‮ ‬وتسابقوا في التنديد
بالعنف المفرط الذي يمارسه ضد المتظاهرين الليبيين،‮ ‬وطالبوه‮ - ‬علناً‮
‬وتكراراً‮ - ‬بسرعة التنحي عن الحكم طوعاً،‮ ‬والبحث عن‮ »‬منفي‮« ‬في
الصحاري البعيدة يقيم خيمته التاريخية علي رمالها الحارقة‮!‬
وبالطبع
رفض القذافي التنحي،‮ ‬أو التخلّي‮. ‬وصمم علي البقاء مختفياً‮ ‬في باطن
الأرض،‮ ‬متحدياً‮ ‬القوي الشيطانية التي دمرت معظم ما كان لديه من قدرات
وقوات عسكرية‮. ‬الورقة الوحيدة في يده حالياً‮.. ‬هي حقول البترول التي
قيل أن‮ »‬شياطين الغرب‮« ‬شنوا حربهم بهدف أوحد هو حمايتها‮. ‬سمعنا
القذافي يهدد الشياطين قائلاً‮: »‬تريدون النفط؟‮! ‬تعالوا اشربوه‮«! ‬وجاء
الشياطين‮.. ‬لا لشرب النفط،‮ ‬وإنما تسببوا بضرباتهم وحربهم الطويلة في
توقف استخراجه،‮ ‬ومنع تصديره‮!‬
لم يعد السؤال المطروح‮: »‬لماذا لم
يتدخل الغرب لحماية السوريين كما فعل لليبيين؟‮!« ‬وإنما أصبح السؤال
الأكثر إلحاحاً‮: »‬لماذا شن الغرب الحرب علي ليبيا ما دامت نتيجتها وقف
استخراج البترول الليبي وحرمان الغرب من استيراده وتسويقه؟‮!«.‬
‮.. ‬وأواصل‮ ‬غداً‮.‬