علي مدار سنوات مضت أرهقني التفكير في جدوي شراء دول عربية لصفقات أسلحة
تتجاوز قيمتها مليارات الدولارات، وما زاد حيرتي أن بعض أنظمة هذه الدول
يحتفظ بعلاقات ود فوق العادة مع إسرائيل عدو العرب الأول، وآخرون
يكتفون بإظهار "عداء ظاهري" لتل أبيب، ذرا للرماد في العيون.
وبعد
طول تفكير ، توصلت إلي أن إنفاق تلك المليارات في شراء الأسلحة ربما
يأتي في إطار الدعم العربي للاقتصاد الأمريكي وباقي الاقتصاديات الغربية،
كما أنه بمثابة "إتاوة" تفرضها الدول الغربية علي تلك الأنظمة
المستبدة، في مقابل غض الطرف عن تجاوزاتها في حق شعوبها.
ومع بدء
الربيع العربي ، وتوالي الثورات في البلاد العربية ، اكتشفت سببا
آخر لشراء هذه الأسلحة ، وأيقنت أن القادة العرب كانوا أكثر بعدا للنظر
مني ، حيث كانوا يعدون العدة لمعركتهم مع شعوبهم ، فدعم القذافي
والأسد وصالح لترساناتهم من الأسلحة لم يكن لمحاربة إسرائيل واسترداد
الجولان ولا للدفاع عن القضية الفلسطينية ، ولكن لسحق المطالبين
بالحرية.
بعض الأنظمة لم تكتف بشراء الأسلحة، بل قامت بتجنيد مرتزقة
لتأديب شعوبها، مثلما فعل القذافي في "حربه الضروس" ضد شعبه. ولم
تكن الحكومة الإماراتية أقل حصافة من سابقيها، حيث استعانت ب "كتيبة
مرتزقة" من شركة أمنية أمريكية لمواجهة أية احتجاجات محتملة تجتاح
البلاد، بحسب تقرير لنيويورك تايمز.
حالة بعض الحكام العرب وهم
يفرطون في استخدام القوة في معاركهم مع شعوبهم تشبه إلي حد كبير حالة اليأس
التي انتابت الجنود الفرنسيين وهم يصيحون "انجوا بأنفسكم" لدي هزيمتهم
في معركة "واترلو" آخر معارك نابليون بونابرت.