ثواب سورة الإخلاص وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
« قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن »1 رواه مسلم.
هذا الحديث فيه دليل على فضل سورة
الإخلاص، وقد جاءت أحاديث عديدة تدل على فضل هذه السورة، وتدل على استحباب
قراءتها في مواضع، كما قال في ركعتي الطواف، وركعتي الفجر، وفي الوتر (قل
يا أيها الكافرون) و (قل هو الله أحد) وفي هذا الحديث أن سورة (قل هو الله
أحد) تعدل ثلث القرآن، قيل: تعدل ثلث القرآن في الثواب، فمن قرأها كأنما
قرأ ثلث القرآن، وجاء في الحديث الصحيح:
«
أيعجز أحدكم أن يقرأ القرآن كله في ليلة قيل: من يطيق ذلك؟ قال: يقول:
يقرأ هذه السورة ثلاث مرات (قل هو الله أحد) فإن (قل هو الله أحد) تعدل ثلث
القرآن »2 وقال بعض أهل العلم وهو الذي اختاره شيخ الإسلام وذكره عندكم الشيخ عبد
الرحمن السعدي: إنها تعدل ثلث القرآن من حيث المعنى والمضمون.
فالقرآن ثلاثة يعني يتضمن ثلاثة علوم، أنواع العلوم ثلاثة؛
علم الشريعة، الشرائع الأمر والنهي والحلال والحرام، وعلم الأخبار عن الخلق
المبدأ والمعاد بدء الخلق، خلق السماوات والأرض، خلق آدم والملائكة،
والمعاد البعث والنشور والجنة والنار، هذا نوع، والنوع الثالث وهو أشرفها
وأفضلها وهو العلم بالله بأسمائه وصفاته وأفعاله، وهذه السورة تتضمن هذا
النوع الثالث يعني مخلصة لعلم التوحيد.
والتوحيد نوعان: التوحيد العملي توحيد الطلب والقصد،
والتوحيد العلمي الخبري. فهذه السورة (قل هو الله أحد) تتضمن هذا التوحيد
أعني التوحيد العلمي الخبري يعني التوحيد الاعتقادي؛ لأن هذه السورة مشتملة
على الخبر عن الله
﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾3 ﴿اللَّهُ الصَّمَدُ ﴾4 ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴾5 ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾6 فتضمنت الإثبات والنفي، والله تعالى يوصف بالإثبات وبالنفي قاعدة كما يقول
ابن تيمية في العقيدة الواسطية: "وقد جمع تعالى فيما وصف وسمى به نفسه بين
النفي والإثبات فلا عدول لأهل السنة والجماعة عما جاء به المرسلون فإنه
الصراط المستقيم" وقال في الرسالة النورانية: "القاعدة الأولى أن الله
موصوف بالإثبات والنفي" أي بإثبات صفات الكمال ونفي النقائص والعيوب، وكل
نفي في صفات الله فإنه متضمن لإثبات كمال ضده.
ومن شواهد هذه القاعدة سورة الإخلاص
﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾3 الله أحد هذا إثبات،
﴿اللَّهُ الصَّمَدُ ﴾4 إثبات،
﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴾5 ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾6 هذا نفي، وقد تضمنت ثلاثة أسماء؛ الله وهذا الاسم هو أخص الأسماء بالله إذ
لا يطلق إلا عليه، وهو الجامع لجميع الأسماء لمعاني جميع الأسماء الحسنى،
وجميع صفات الرب تعالى "الله" وأصل هذا الاسم أنه الإله فحذفت الهمزة
وأدغمت اللام في اللام مع التفخيم، الله ذو الألوهية، الله تجد هذا الاسم
في كل شيء، سبحان الله، الحمد لله، لا إله إلا الله، الله أكبر، تجد هذا
الاسم في كل الكلمات الأربع، كم مرة تنطق بهذه الكلمة في الصلاة؟ كم مرة؟
الله، الصلاة تبتدئها بهذا الاسم وتنتهي بهذا الاسم -سبحان الله- تبدأ بهذا
الاسم الله أكبر، وتنتهي بهذا الاسم السلام عليكم ورحمة الله، انتهى.
"أحد" هذا اسم هذا الاسم لم يذكر إلا في هذه السورة "الأحد"
وقريب في معناه "الواحد" وجاء في مواضع مقرونا بالقهار "الواحد القهار" هو
واحد لكنه قهار غلاب لا يغلبه شيء، كل الموجودات تحت قهره وسلطانه، لا إله
إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، الأحد: هذا الاسم يتضمن تنزيهه عن
الشريك وعن الشبيه، عن الولد، عن الصاحبة، يتضمن تنزيهه عن كل نقص وكل نفي
فإنه متضمن لإثبات، فهو الأحد الذي لا شريك له في أي شأن وفي أي صفة، لا
شريك له ولا شبيه له في حياته، ولا في سمعه ولا في بصره، ولا في قدرته ولا
في عزته ورحمته، ولا في سائر أفعاله، ولا في الخلق والتدبير، والرزق
والإحياء والإماتة، لا شريك له، لا شبيه له
﴿سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾7 .
و"الصمد" هذا الاسم أيضا لم يرد إلا في هذه السورة، هذان
الاسمان لم يذكرا في القرآن إلا في هذا الموضع، الأحد الصمد، والصمد فسر
بأنه السيد جاء عن ابن عباس أنه السيد الكامل في سؤدده، الغني الكامل في
غناه، الحكيم الكامل في حكمته، الحليم الكامل في حلمه... إلى آخره يعني هو
يدل على الكمال في جميع صفات الكمال "الصمد" وفسر بأنه الذي تصمد إليه
الخلائق وتتوجه إليه وتقصده
﴿إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ﴾8 ﴿يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾9 ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ﴾9 -سبحان الله- "الصمد" وفسر بأنه الذي لا يأكل ولا يشرب، ومن منهج السلف
أنهم قد يفسرون اللفظ يعني قد يفسرون الآية والكلمة ببعض ما تدل عليه، وفسر
بأنه الذي لا جوف له، وكل هذه المعاني حق، ويدل عليها اسمه الصمد، واقرءوا
تفسير سورة الإخلاص للإمام ابن تيمية رحمه الله.
﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾3 ﴿اللَّهُ الصَّمَدُ ﴾4 هذا إثبات
﴿لَمْ يَلِدْ ﴾5 هذا فيه نفي الولد عن الله ففيه الرد على اليهود والنصارى والمشركين وكل من نسب إليه الولد والتولد والولادة فهو
﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴾5 لأنه لا بداية له ولا نظير له، والولد نظير لوالده، وجزء من والده، والله صمد لا تتجزأ ذاته، إذا في هذا النفي تأكيد مثل
﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ﴾10 نفي السنة والنوم تأكيد لكمال حياته وقيامه، فهنا
﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴾5 تأكيد لكمال أحديته وصمديته.
﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾6 والكفء المثل فليس له كفء لا أحد من الخلائق كفئا له أي مثلا له يكافئه
ويناظره ويماثله تعالى وتقدس، ففي هذا النفي تأكيد لكمال أحديته، لكمال أنه
الأحد الصمد، ومن هذا شأنه فإنه المستحق لأن يعبد، وبهذا يعلم أن الإيمان
بربوبيته وكماله وأسمائه وصفاته يستلزم أنه الإله الحق، ويستلزم أنه
المستحق للعبادة، وهذا معنى قول أهل العلم: إن توحيد الربوبية يستلزم توحيد
الإلهية، وتوحيد الإلهية يتضمن توحيد الربوبية. نعم
أحسن الله إليكم، هذا سائل يقول: فضيلة الشيخ دعاء السفر هل يقوله إذا خرج من المدينة أو عند ركوب السيارة؟
إذا ركب السيارة استوت به، في الحديث
« إذا استوى على راحلته »11 نعم.
أحسن الله إليكم، يقول: هل يشرع دعاء الركوب عند استعمال المصاعد الكهربائية؟
قلت: إن هذا الدعاء خاص بالسفر، واذكر فضل الله عند كل
نعمة، ثلاثة، الحمد لله، الحمد لله، ما شاء الله، على هذه التيسيرات وهذه
النعم... قل الحمد لله نعم.
فضيلة الشيخ يقول: إذا سافرت بمفردي هل ألتزم بلفظ الحديث فأقول "اللهم إنا نسألك" أو أقول "اللهم إني أسألك" ؟
كما تشاء الأمر واسع. نعم
يقول: الذي ليس لهو أولاد هل يذكر الولد؟
من ليس له أولاد يقولها تعبدا. نعم
أحسن الله إليكم، يقول: إذا كان جماعة في سفر فهل يجزئ أن يقول رجل الدعاء ويؤمن الباقون؟
ما يحتاج يقول لكل واحد يتكلم عن نفسه ما هي بمسألة قنوت في الصلاة.
أحسن الله إليكم وأثابكم ونفعنا بعلمكم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وعلى آله وصحبه.
حديث ابن عمر رضي الله عنهما في ذكر الخروج إلى السفر
والرجوع ظهر لنا أن قوله "وإذا رجع قالهن وزاد" أنه يقول ذلك عند ابتداء
الرجوع، وعندنا هذا صحيح لكن جاء في حديث آخر عن ابن عمر وحديث ثالث عن أنس
رضي الله عنهم يفيدان أن الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول مثل هذا الذكر
"لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله
إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، آيبون تائبون عابدون
لربنا حامدون" كان يقول ذلك إذا أشرف على المدينة وأقبل يعني بظهر المدينة
قال ذلك، وهكذا أيضا في الطريق في حديث ابن عمر في صحيح البخاري أنه كان
إذا رجع من حج أو عمرة كان إذا صعد ثنية أو فدفدا قال ذلك أيضا، فلعل مجموع
الأحاديث يعني لا تعارض بينها، وأن حديث ابن عمر الذي عند مسلم يقوله عند
قفوله وعند شروعه في الرجوع، ويذكر مثل هذه الزيادات التكبير والتهليل
وقوله آيبون تائبون يقول ذلك حتى في أثناء طريقه إذا صعد ثنية أو فدفدا
يعني مرتفعا من الأرض، وهكذا إذا أشرف على المدينة يقول "آيبون تائبون
عابدون" في بعض الروايات "ساجدون لربنا حامدون" وهذه الأحاديث وغيرها
وغيرها يدل على يعني فضل الذكر وأن الذكر هو روح الدين وروح العبادة، ولهذا
جاءت السنة أمر الله بالذكر في قوله
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾12 ﴿وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ﴾13 .
فالذكر مشروع مطلقا ومقيدا، مطلقا في أي وقت ليل نهار، في
سفر في حضر، في الأمن والخوف، في الصحة والمرض، مطلق، وهناك أذكار مقيدة
كما تعلمون، من الأذكار المقيدة مثل هذه الأذكار المشروعة عند الخروج إلى
السفر وعند العود وعند الاقتراب من البلد أو عند الدخول دخول للبلد، الحمد
لله، والأذكار الموقتة التي لها أوقات الصباح والمساء، عند النوم وعند
القيام من النوم الاستيقاظ، فالذكر غذاء للمؤمن، غذاء لروحه، سبحان الله
والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، هذه الجمل الثلاث هي غالب الذكر،
وهناك أذكار تتضمن أدعية، وكذلك الأذكار التي بعد الصلوات أذكار وأدعية،
أحببت به يعني تكميل لما سبق بما يتعلق بذكر الرجوع من السفر والعودة، أما
قوله يعني "قالهن" هذه لا شك إنما يقولها عند ابتداء رجوعه لا يقول هذا
الذكر "اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى ومن العمل ما ترضى" بعد
وصوله أو عند اقترابه من بلده، لا، هذا يقوله عند شروعه في القفول. نعم يا
شيخ ..
أحسن الله إليكم..
1
: مسلم : صلاة المسافرين وقصرها (812) , والترمذي : فضائل القرآن (2899) ,
وابن ماجه : الأدب (3787) , وأحمد (2/429) , والدارمي : فضائل القرآن
(3432).2 : البخاري : فضائل القرآن (5015) , والنسائي : الافتتاح (995) , وأبو داود : الصلاة (1461) , وأحمد (3/8).3 : سورة الإخلاص (سورة رقم: 112)؛ آية رقم:14 : سورة الإخلاص (سورة رقم: 112)؛ آية رقم:25 : سورة الإخلاص (سورة رقم: 112)؛ آية رقم:36 : سورة الإخلاص (سورة رقم: 112)؛ آية رقم:47 : سورة يونس (سورة رقم: 10)؛ آية رقم:188 : سورة مريم (سورة رقم: 19)؛ آية رقم:939 : سورة الرحمن (سورة رقم: 55)؛ آية رقم:2910 : سورة البقرة (سورة رقم: 2)؛ آية رقم:25511 : مسلم : الحج (1342) , والترمذي : الدعوات (3447) , وأبو داود : الجهاد (2599) , وأحمد (2/150) , والدارمي : الاستئذان (2673).12 : سورة الأحزاب (سورة رقم: 33)؛ آية رقم:4113 : سورة الأحزاب (سورة رقم: 33)؛ آية رقم:42