Cinderella مشرفة متميزه
عدد المساهمات : 1145 النقط اللى حصلت عليها فى منتدى بحبك يا : 3803 تاريخ التسجيل : 01/02/2010 العمر : 31
بطاقة الشخصية لعبه: ســــوره: (0/0)
| موضوع: ..... القواعد الذهبية ....... 28/02/10, 02:06 pm | |
| أخوتي الكرام لقد خلق الله الإنسان وخلق له بيئة أرضية صالحة لحياته وحياة أبنائه وخلق له العقل والبدن وهيأه للتعلم ولم يتركه هملاً، بل أرسل له الرسل وختم الرسالات برسالة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأتم الدين بمبعثه وتمم مكارم الأخلاق برسالته وشريعته. الشريعة في الشرع تطلق على الأحكام التكليفية العملية. قال تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ... {المائدة/48} وقال:ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ {الجاثية/18} قال قتادة: تطلق الشريعة على الأمر والنهي والحدود والفرائض لأنها طريق إلى الحق، وجاء في كتاب النهاية لابن الأثير: الشريعة ما سنه الله لعباده من الدين وافترضه عليهم يقال: شرع لهم يشرع شرعاً فهو شارع وقد شرع الله الدين شرعاً إذا أظهره وبينه. وعلى هذا نستطيع القول: إن الشريعة تطلق على الدين، وعرفها بعضهم بأنها عبارة عن الأحكام التي سنها الله لعباده ليكونوا مؤمنين عاملين على ما يسعدهم في الدنيا والآخرة، وأما شرع الدين فهو وضعه وإنزاله من عند الله تعالى كما قال عز وجل: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحاً )[الشورى: 13] والمراد بالشريعة هنا الأحكام المشروعة من عند الله فليس لغير الله تعالى أن يشرع. الخصائص العامة للشريعة الإسلامية للشريعة الإسلامية كما جاء في المقاصد العامة للشريعة الإسلامية خصائص عامة تميزها عن غيرها من الشرائع، لأنها شريعة الله ( العليم الخبير ) الكاملة (الباقية ) ما دامت الحياة البشرية قائمة ومن هذه الخصائص: ـ عمومها للمكلفين. ـ جمعها بين الثبات والمرونة. ـ شمولها لرعاية مصالح الدين والدنيا والأفراد والجماعات. ـ ربطها لأحكام السلوك بالإيمان بالله واليوم الآخر. ـ حفظ مصدريها من التحريف والتبديل. عليك أخي المسلم أن تعرف تلك الخصائص العامة لشريعة الله لتطبقها على علم وفهم ودراية الخاصية الأولى: عمومها وهي أن الشريعة بحسب المكلفين أي: لا يختص الخطاب في أي حكم من أحكامها بمكلف دون آخر ما دام شرط التكليف للناس بشيراً ونذيراً. وقال تعالى: ( وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً ) وقوله تعالى: (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً ). وقال صلى الله عليه وسلم: ( بعثت إلى الأحمر والأسود ) رواه الشيخان. بما أن الأحكام موضوعة لمصالح العباد فالعباد بالنسبة إلى ما تقتضيه سواء. الخاصية الثانية: جمع الشريعة بين الثبات والمرونة في أحكامها. قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ في إغاثة اللهفان: الأحكام نوعان: نوع لا يتغير عن حالة واحدة هو عليها لا بحسب الأزمنة ولا الأمكنة، ولا اجتهاد الأئمة، كوجوب الواجبات، وتحريم المحرمات، فهذا لا يتطرق إليه تغيير ولا اجتهاد مخالف لما وضع عليه. والثاني: ما يتغير بحسب اقتضاء المصلحة له زماناً ومكاناً وحالاً كمقادير التقديرات وصفاتها فإن الشرع يتنوع فيها بحسب المصلحة. وبهذه الخاصية تستوعب الشريعة الإسلامية كل ما جد من وقائع وما تبدل من عرف وعادة صالحين فلا يستطيع أحد أن يصفها بالجمود الخاصية الثالثة: فأحكام الشريعة ( الإسلامية ) شاملة لجميع المصالح الدنيوية والأخروية والفردية والجماعية بدون الدنيا ولا تعرف الجماعة بدون فرد ولا فرد بدون جماعة الخاصية الرابعة: ربط أحكام السلوك والتعامل بوازع الدين. ـ فالأحكام الشرعية تحكم سلوك الناس وتعاملهم مربوطة بوازع الإيمان بالله واليوم الآخر فللشريعة الإسلامية كغيرها من الشرائع الوضعية لها جهاز بشري يتولى المراقبة والمعاقبة على المخالفة لأحكامها، وتمتاز الشريعة الإسلامية برقابة عليا وهي مراقبة العلي الخبير الذي علم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. وهذه الخاصية من أعظم الفوارق بين القوانين الوضعية والشريعة الإسلامية. الخاصية الخامسة: في حفظ مصدري الشريعة من التحريف والتبديل. فقد عصم الله شرعه من التحريف، التبديل وذلك بحفظه سبحانه وتعالى للقرآن الكريم، قال تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ {الحجر/9}والسنة مرتبطة بالكتاب وتعضده ويعضدها وهي محفوظة بإذن الله أيضاً: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا {المائدة/3} وهكذا تميزت الشريعة الإسلامية بخصائص عامة ميزتها عن باقي الشرائع والحمد لله. القاعدة الذهبية في تحريم الضرر والفساد الضرر بغير حق من السلوكيات التي تفتت الناس، وتزرع بينهم العداوة والبغضاء وتؤصل للحقد والكراهية، من هنا كانت القاعدة المانعة لهذا السلوك من القواعد الكلية في حياة الناس فقد وضع صلى الله عليه وسلم القاعدة العامة في تحريم الضرر بغير حق، وكذلك الضرار فقال صلى الله عليه وسلم: ( لا ضرر ولا ضرار ). حديث حسن. رواه ابن ماجة والدار قطني وغيرهما. والضرر: هو محاولة الإنسان إلحاق المفسدة بنفسه أو بغيره، أو أن تدخل على غيرك ضرراً لمصلحتك. والضرار: أن يتراشق اثنان بما فيه مفسدة لهما أو تدخل على غيرك ضرراً لا منفعة لك فيه. رفع الشريعة للضرر لم يكلف الله عباده بفعل شيء يضرهم، إن عين ما يأمرهم به هو عين صلاح دينهم ودنياهم، وما نهاهم عنه هو عين فساد دينهم ودنياهم كما قال ابن رجب في جامع العلوم والحكم، ولم يأمر الله عباده بشيء هو ضار لهم في أبدانهم ـ فأسقط الله الصيام عن المريض والمسافر والعجوز وقال سبحانه: يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ {البقرة/185} كما أمر الله بعدم مطالبة المعسر بدين وأن ينظر إلى حال يسره. قال تعالى: ( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ) . ولا يكلف المدين ببيع مسكنه أو ملبسه وخادمه لتسديد دينه وكذلك ما يحتاج إليه للتجارة والزراعة والصناعة لنفقته ونفقة من يعولهم. كما نهى الله عن إضرار الورقة بالوصية. قال تعالى: مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ {النساء/12} كما منع الإسلام تخصيص بعض الأبناء أو الورثة بما لا حق لهم فيه مما يضر الإخوة وباقي الورثة. ـ ومنعت الشريعة الضرر بالزوجة في المعاشرة والطلاق والمعيشة وأن أطال البعد عن زوجته بغير عذر وطلبت من الزوج رفع الضرر فأبى، للحاكم في هذه الحالة الحق في التفريق بينهما، وشرع الله الطلاق والخلع لرفع الضرر عن الأطراف. ـ كما حرمت الشريعة استغلال حاجات الناس والبيع لهم بما يوقع الضرر عليهم فنهى صلى الله عليه وسلم عن بيع المضطر. ـ كما منعت الشريعة إيذاء الجار في البنيان والطريق والماء. ـ كما منعت الشريعة منع الماء والملح والنار والكلأ. كما حرم الله إضرار الأم بولدها. ـ ومن القواعد الإسلامية أنه: ( ولا تزر وازرة وزر أخرى ). وهكذا رفعت الشريعة الإسلامية الضرر عن الناس حتى عن المخالفين لنا في الدين، . صور لتطبيق القاعدة في حياتنا العصرية: للقاعدة السابقة العديد من الفوائد التي تعود على الفرد والمجتمع بالفائدة ومن هذه الصور: بعض المتعاقدين يتعاقدون مع العمال والموظفين والمعلمين برواتب قليلة لا تكفي الموظف، في الوقت الذي ينفق فيه صاحب العمل الملايين على أسرته وتجهيزات محله أو مصنعه أو مدرسته وعندما تقول له: إن في هذا ظلماً بالعباد يقول لك: ( العقد شريعة المتعاقدين ) وهو راضٍ بذلك. ونحن نقول لهذا: أين تطبيقك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار). البائع الذي يستغل جهل المشتري بثمن السلعة، ونوعها ويبيعه السلعة بثمن مرتفع وعندما تسأله يقول: لك هذا بيع وشراء، والتجارة شطارة، ونحن نقول له: أين أنت من القاعدة الشرعية: ( لا ضرر ولا ضرار ). رئيس العمل الذي يستغل حاجة مرؤسيه ويسخرهم في أعماله الخاصة، والقيام بأعماله في العمل نقول له: طبق قول رسولك: ( لا ضرر ولا ضرار ). المقرض الذي يستغل حاجة المقترض ويرفع عليه السعر إن كان القرض على هيئة سلعة نقول له: اتق الله وطبق قول رسولك الكريم صلى الله عليه وسلم: ( لا ضرر ولا ضرار ). الجار الذي يستغل ضعف جاره أو فقره ويؤذيه في بيته وأولاده نقول له: اتق الله وطبق قول رسولك صلى الله عليه وسلم: ( لا ضرر ولا ضرار ). وهكذا أخوة الإسلام هذه هي القاعدة الذهبية في رفع الضرر والإضرار عن العباد التي هي من القواعد الذهبية الشرعية في المعاملات بين الناس. ومن هنا جاء قول فقهاء المسلمين: (الضرر يرفع). من هنا نفهم أن قول صلى الله عليه وسلم: ( لا ضرر ولا ضرار ) قاعدة كبرى أغلق بها صلى الله عليه وسلم منافذ الضرر والفساد أمام المسلمين، فلم يبق في تشريع الإسلام إلا كل ما فيه صلاح دنياهم وأخراهم القاعدة الذهبية في العفو عن الناس العفو عن الناس من شيم الكرام، والعفو عنهم عند المقدرة من شيم المحسنين، والعفو عنهم مع الإصلاح من شيم المؤمنين، وقد وضع الله سبحانه وتعالى في ذلك قاعدة كلية فقال سبحانه في سورة الشورى: (وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين، ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل، إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق، أولئك لهم عذاب أليم، ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور ) [الشورى: 40 ـ 43]. كتب الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي في كتابه: مجموع الفوائد واقتناص الأوابد كلاماً طيباً، وفائدة مفيدة في العفو عن الناس فقال: العفو عن الناس إذا أساؤوا إليك كله محمود، وخصوصاً من لهم حق متأكد ( عليك ) من ولادة وقرابة وصداقة ونحوها. وأخص من ذلك من كانت إساءتهم إليك صادرة عن مقصد حسن هو فيه غالط في أصله أو مقداره. وكان بعضهم يقول: كل من أساء إلي بقول أو فعل أو اعتراض، وقصده بذلك وجه الله، أو كان قصده مشوباً بعضه لله وبعضه تبع لغرض النفس، فهو مني في حل، وقد سامحته لله الذي للمسيىء إلى نوع احتساب، وإن كان مخطئاً أو مزوراً عليه أو نانياً على قول الطائفة التي عرفت بالاعتراض على، فكل هذه الأقسام قد سامحته لله علمت بإساءته أو جهلتها. المسيء عن قصد: ثم قال ـ رحمه الله ـ: وأما من ليس له من المقاصد إلا الأغراض النفسية والعدوان المتمخض الذي يعلمه من نفسه، فهذا لا أقابله بإساءته وأمره إلى الله، ومن وصل إلى هذه الحالة، فليحمد الله على هذه النعمة الكبرى، وعلى راحة الضمير، وعلى كثرة ما يجني من الخير، وعلى ما يرجى له من جزاء ربه له ومعاملته له، وأنه يرجى أن يكمل له النواقص ويعفو عما مزج فيه العبد أغراضه وشهواته النفسية مع داعي الإخلاص. العفو عن المفسد: ثم قال ـ رحمه الله ـ: ويستثنى من هذا الأصل العفو عن المجرم المفسد المتمرد الذي العفو عنه مما يزيده في عتوه وتمرده، فالواجب في مثل هذا الردع والزجر بكل ممكن ولعل هذا يؤخذ من القيد الذي ذكره الله بقوله: (فمن عفا وأصلح ) فشرط الله أن يكون العفو فيه صلاحاً، فأما العفو الذي لا صلاح فيه، بل فيه ضده، فهو منهي عنه. والله أعلم. صور من عفو المصطفى صلى الله عليه وسلم: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبياً من الأنبياء، صلوات الله وسلامه عليهم، ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: ( اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ) متفق عليه. وهنا قمة التسامح والعفو عن الجاهلين الذين لا يعلمون. القاعدة الذهبية في تقوى الله ومراقبته قال صلى الله عليه وسلم: ( اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلقٍ حسن ). حديث حسن أو حسن صحيح. فإذا طبق كل مسلم هذه القاعدة النبوية في حياته: ( اتق الله حيثما كنت ) أنصلح حال الأمة الإسلامية، فإذا اتقى كل منا ربه في عمله، وبيته، وفي الشارع، ووحيداً ومع الناس ما رأينا هذه الظواهر السلبية في حياة المسلمين من تضييع للأوقات والأموال والأعمار والأولاد والزوجات وانتهاك للحرمات، من هنا كانت هذه هي القاعدة الذهبية في تقوى الله ومراقبته والعمل على طاعته. التقوى أصل التقوى كما قال ابن رجب الحنبلي في جامع العلوم والحكم هي: أن يجعل العبد بينه وبين ربه ما يخشاه من ربه من غضبه وسخطه وعقابه وقاية تقيه من ذلك وهو فعل طاعته واجتناب معاصية، وإذا أضيفت التقوى إليه سبحانه كما في قوله تعالى:وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِيَ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ {المائدة/96} وقوله تعالى: وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ {الحشر/18} فالمعنى اتقوا سخطه وغضبه وهو أعظم ما يتقى وعن ذلك ينشأ عقابه الدنيوي والأخروي. قال تعالى: وَيُحَذِّرُكُمُ اللّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللّهِ الْمَصِيرُ {آل عمران/28} وقال الله تعالى : وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ {المدثر/56}فهو سبحانه أهل أن يخشى ويهاب ويجل ويعظم في صدور عباده حتى يعبدوه ويطيعوه لما يستحقه من الإجلال والإكرام وصفات الكبرياء والعظمة وقوة البطش وشدة البأس. ويدخل في التقوى فعل الواجبات وترك المحرمات والشبهات وربما دخل فيها بعد ذلك فعل المندوبات وترك المكروهات وهي أعلى درجات التقوى. قال الحسن: المتقون اتقوا ما حرم الله عليهم وأدوا ما افترض الله عليهم. وقال عمر بن عبد العزيز ـ رحمه الله ـ: ليس تقوى الله بصيام النهار ولا بقيام الليل، والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله وأداء ما افترض الله، فمن رزق بعض ذلك خيراً فهو خير إلى خير. وقال أبو الدرداء: تمام التقوى أن يتقي الله العبد حتى يتقيه من مثقال ذرة وحتى يترك بعض ما يرى أنه خلال، خشية أن يكون حراماً حجاباً بينه وبين الحرام فإن الله قد بيّن للعباد الذي يصيرهم إليه فقال: فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ {الزلزلة/7} وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ {الزلزلة/8} فلا تحقرن شيئاً من الخير أن تفعله ولا شيئاً من الشر أن تتقيه فعلى العبد إذا أحدث ذنباً أن يتبعه بعمل صالح عسى الله أن يكفر عنه سيئاته. وخالق الناس بخلق حسن. مخالقة الناس بخلق حسن من خصال التقوى ولا تتم التقوى إلا به. قال ابن رجب: وإنما أفرده بالذكر للحاجة إلى بيانه فإن كثيراً من الناس يظن أن التقوى هي القيام بحق الله، دون حق عباده فنص له على الأمر بإحسان العشرة للناس. والجمع بين القيام بحقوق الله وحقوق عباده عزيز جداً لا يقوى عليه إلا الكمل من الأنبياء والصديقين. قال الحارث المحاسبي: ثلاثة أشياء عزيزة أو معدومة: حسن الوجه مع الصيانة وحسن الخلق مع الديانة، وحسن الإخاء مع الأمانة. وحسن الخلق أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك. وهكذا أخي المسلم عليك أن تتقي الله في كل عمل تقوم به، وفي كل مكان توجد فيه فالله يراك ويعلم ما تضع، وعليك أن تعامل الناس معاملة إسلامية حسنة وهذا كله من تقوى الله وطاعته ومراقبته. القاعدة الذهبية في الدعاء الجامع وردت هذه القاعدة في الحديث الذي أخرجه الترمذي وابن ماجة في الدعاء المأثور عنه صلى الله عليه وسلم: ( اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك ). إذا علم المسلم: ( أن الدعاء هو العبادة ). كما في الحديث الصحيح فمعنى ذلك، كما قال الشيخ عبد الرحمن ابن سعدي ـ رحمه الله ـ في مجموع الفوائد، معنى ذلك: أن الدعاء فيه التضرع إلى الله وإظهار الضعف والحاجة إلى الله وأن الدعاء ملازم للتوكل والاستعانة بالله، فإن التوكل هو الاعتماد بالقلب على الله والثقة به في حصول المحبوبات واندفاع المكروهات والدعاء يقويه، بل يعبر عنه ويصرح به. فإن الداعي يعلم ضرورته التامة إلى الله، وأنها بيد الله، ويطلبها من ربه راجياً له واثقاً به وهذا هو روح العبادة. ومنها: إن الداعي لما كان يدعو الله لمصلحته ومنفعته ويطلب من الله حوائجه، فربما ظن الظان أن ذلك هو المقصود، وأنه إن حصلت الحاجة التي دعا من أجلها فقد حصل المراد، وإن لم تحصل فقد ضاع سعيه ( ودعاؤه ) وهذا ظن غالط، فأخبر صلى الله عليه وسلم: (إن الدعاء) عبادة لله، سواء أجيب العبد إلى ما سأل أو لم يجب، فإنه كسب العبادة لله بدعائه كما لو صلى أو قرأ أو ذكر الله، فإن حصل مع هذه العبادة، التي هي المقصود الأعظم، مطلوبة وإلا فهو غانم ومحصل لعبادة ربه. إذا علمت أخي المسلم أن الدعاء عبادة فاتبع قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إذا سألت فاسأل الله ). فسؤال الله عز وجل دون خلقه هو المتعين، وفيه: الاعتراف بقدرة المسؤول عن رفع الضر ونيل المطلوب وجلب المنافع ودرء المضار كما قال ابن رجب الحنبل ـ رحمه الله ـ في جامع العلوم والحكم، ولا يصلح الذل والافتقار إلا لله وحده لأنه حقيقة العبادة، وكان الصحابي كما قلنا في موضع آخر يسأل الله ملح عجينه وعلف شاته. قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي ـ رحمه الله ـ في شرح هذه القاعدة: ( الحديث ): دعاء جامع نافع، فإن مجموع مطالب السائلين حصول الرحمة المتضمنة لخير الدنيا والآخرة، وحصول المغفرة المتضمنة لاندفاع الشرور في الدنيا والآخرة. وقال: وموجبات الرحمة هي الأسباب التي توجبها والأوصاف التي تقتضيها، وقد ثبت في نصوص كثيرة من الكتاب والسنة من أسباب الرحمة العامة والرحمة الخاصة أمور كثيرة مثل قوله ( تعالى ): ( إن رحمة الله قريب من المحسنين )[الأعراف: الآية 56]. أي: في عبادة الله وإلى عباد الله. وقوله صلى الله عليه وسلم: ( الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) صححه الألباني ـ رحمه الله وأما عزائم المغفرة، فكذلك هي الصفات والأخلاق والأعمال جعلها الله سبباً لنيل مغفرته عامة أو خاصة مثل قوله ( تعالى ): ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ) [سورة طه: آية 82]. ونحوها من النصوص التي لا تحصى في ذلك أسباب المغفرة التي أعظمها الإيمان والصدق والإخلاص، فسؤال موجبات الرحمة وعزائم المغفرة يدخل في هذا التوفيق لكل سبب ينال به رحمة الله ومغفرته، فصلى الله وسلم على من أعطي جوامع الكلم، ونوافعها وأصول الخير وفروعه. القاعدة الذهبية في عالمية المسلم المسلم إنسان عالمي، يحمل رسالة الخير إلى العالم كله مسلمه وكافره، أسوده وأحمره، شرقيه وغربيه، لأن المسلم ابن للرسالة العالمية الإسلام وقد بعثنا الله لنخرج الناس من الظلمات إلى النور ومن عبادة الطواغيت إلى عبادة رب العالمين من هنا كان المسلم إنسان عالمي، والإنسان في دين الله والإسلام مكرم لأن الله هو الذي خلقه بيديه، ونفخ فيه من روحه، وكرمه، وسخر له ما في الأرض جميعاً، والقواعد الذهبية في عالمية المسلم كثيرة نختار منها القاعدة التالية: قال صلى الله عليه وسلم: ( من أحب أن يزحزح عن النار، ويدخل الجنة، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه ) رواه مسلم. وكلمة الناس في الحديث وفي آيات القرآن تعني كل الناس المؤمن والكافر، الأسود والأبيض، الرجال والنساء من هنا كان المسلم عالمياً. ـ فالمسلم حب للناس ما يحب لنفسه، ويأتي إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه. ـ والمسلم يحب أن يعيش موحداً ويموت موحداً، وهو يحب للناس ذلك، وهذا يتطلب منه أن يعمل على نشر عقيدة التوحيد ودين الإسلام. ـ والمسلم يحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة، وهو يحب للناس ذلك لذلك خرج صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لزحزحة الناس عن النار وإدخالهم الجنة، ومن وقف في سبيل ذلك قاتلوه لتصل ـ رحمة الله ـ إلى كل إنسان على الأرض. ـ المسلم يحب أن يعيش في مجتمع أمن تسوده المحبة والعدل والمساواة والحرية لذلك إذا تملك الأرض والحكم فهو عادل يؤمن الناس على دينهم وأموالهم وأعراضهم ومعتقداتهم فالناس جميعاً أخوة متساوون كأسنان المشط ولا فرق بين عربي وأعجمي الا بالتقوى: ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) [الكهف: 29]. ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي )[الشورى: 20]. اللهم صلي وسلم وبارك على حبيبك ونبيك محمد صلوات ربي وسلامه عليه | |
|